مجرد فقاعة

آراء 2021/09/28
...

  د. كريم شغيدل
 
أرى أن ما سمي بمؤتمر التطبيع والاسترداد الذي عقد مؤخراً برعاية مركز اتصالات السلام في أربيل، أعطي أكبر من حجمه، بولغ بأهميته سلباً وإيجاباً، لكن لا نستطيع أن ننكر كونه كان بمثابة كبسولة اختبار وجس نبض للقوى السياسية والشارع العراقي، حكومة كردستان تملصت مدعية عدم علمها بالأمر، فهي لم تعطِ موافقة ولم تشارك، لكن هل يمكنها أن تنكر وجود علاقات قديمة تطورت بعد 2003 مع إسرائيل؟! وهل يعقل أن يأتي عقد المؤتمر بالتزامن مع ذكرى الاستفتاء على الانفصال اعتباطياً؟
هناك قوى سياسية تعلم علم اليقين أن التطبيع هو جزء مما يسمى الشرق الأوسط الجديد، الذي سيكون للعراق فيه دور مركزي، والأمر مرهون بقضية اقتصادية تخص الغاز تحديداً عن طريق الأردن وإسرائيل إلى أوربا، وهنا لا بد من وجود العراق طرفاً أساسياً كونه أحد أهم المصدرين، فهي، أي القوى السياسية، مبدئياً تنتظر الفرصة المؤاتية، لكنها تدرك تماماً ردة الفعل العراقية، لا سيما بالتزامن مع الانتخابات المبكرة التي تعد لها العدة، وقد وجدت الكتل السياسية في هذا المؤتمر فرصة للدعاية الانتخابية من خلال الشجب والاستنكار ورفض التطبيع جملة 
وتفصيلاً.
الحكومة العراقية كان موقفها واضحاً استناداً للدستور والقوانين النافذة التي لا تبيح أي شكل من أشكال العلاقات مع إسرائيل بوصفها دولة مغتصبة للحق الفلسطيني العربي، وبناء على ذلك أصدر القضاء العراقي عدداً من أوامر القبض على بعض الشخصيات التي شاركت 
بالمؤتمر.
المفاجأة أن المؤتمر غالبية المشاركين فيه هم شيوخ المحافظات الغربية ممن يسكنون في أربيل، ولم تحضره إلا القليل من الشخصيات السياسية التي لها وزن في الساحة العراقية مثل مثال الآلوسي الذي سبق أن زار إسرائيل علناً، وقد ألمح إلى أن العديد من المسؤولين العراقيين زاروا إسرائيل خفية، رداً على التهم التي وجهت له آنذاك، فهل أن إسرائيل التي عدت المؤتمر خطوة مهمة ستعقد اتفاقاً للسلام مع شيوخ 
العشائر؟.
التطبيع مع إسرائيل قرار ستراتيجية صعب ومعقد، تتغير في ضوئه ثوابت ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودستورية وقانونية، وليس مجرد اتفاقية وعلاقات دبلوماسية، والمؤتمر لا يرقى لمستوى الموضوع، فهو مجرد فقاعة.