إيّاكم ومزدوجي الشخصية

الصفحة الاخيرة 2021/09/29
...

زيد الحلّي
قبل مدة قصيرة لبيتُ دعوة عشاء في احد النوادي ببغداد، وشاهدتُ من بين الحضور صديقاً يروي بصوت صارخ نكتا وطرفا بعيدة عن الذوق العام وبصوت عال، اقنعت نفسي ان هذا سلوك شخصي لا دخل لأحد به، لكني فوجئت به صباح اليوم يكتب منشورا على صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي مغايرا عن طباعه بالأمس، وكأن كاتبه من اشد الناس ورعاً وتديناً، وقد وصلتني منه عبارة «جمعة مباركة» مقرونة بآية قرآنية كريمة مستلة من (كوكل)، عجبتُ لهذه الازدواجية، وتساءلت هل (الازدواجية .. مرض ام سلوك)؟
وزدتُ من تساؤلاتي : هل هي مرض نفسي، او هي عادة مكتسبة، او خوف من مجهول، او نتيجة لظرف طارئ معين، عاشه الفرد، فأصبح جامعا لكل هذه الصفات من دون وعي منه، اوهي نوع من تأكيد الذات وفق طريقة  «خالف تعرف»؟.
هذه الاسئلة وغيرها طافت في اجوائي، وبحثت عن اسبابها، فلم اجد لها جوابا على وجه الدقة، فآثرت طرح موضوعها على القراء الكرام، لقد تيقنت ان مثل هذا الشخص صعب التعايش معه، وصعب إرضاؤه لأن طباعه ونفسيته غير ثابتة، وزاوية انقلابه منفرجة ويصعب تحمله، فهو ينتقل من شعور لآخر على حين غرة، وتقلبه يكون في كل وقت وهذا شيء مزعج.
خرجتُ بنتيجة، وانا اتابع مثل هذا السلوك، بان الشخصية (المزدوجة) هي  «تسونامي» أي مثل العاصفة، فالشخصيات من مثل هذا النوع تعبر عن حالة قلقة وتتسم بالتردد في المواقف وتواجه دوما مشكلات تؤثر في حالتها النفسية، وتسبب مشكلات اجتماعية لا حصر لها.
على الانسان أن يشعر بالامتنان، فالمقياس الحقيقي للنجاح هو عدد المرات التي يستعيد فيها المرء توازنه بعد الفشل، من دون أن يتجه الى شخصية اخرى خارجة من معطف شخصيته الحقيقية، والا ينسى أن الحياة عبارة عن كتاب من عدة فصول، فإذا كان فيه فصل غير مريح، فلا يعني ذلك نهايته، لذلك عليه أن يفتح صفحة جديدة ويبتعد عن الازدواجية، فللآخرين عيون وآذان.