مؤتمر الخيانة

آراء 2021/09/29
...

  علي كريم خضير
 
 يعدُّ العراق من الدول العربية الرئيسة التي جعلت من القضية الفلسطينية همَّها الشاغل في المطالبة بتحرير هذه الأرض العربية السليبة من براثن سيطرة الصهاينة المحتلين. وكانت للجيوش العراقية المشاركة في الحروب التي قامت مع الكيان الغاصب بصمةٌ مميزة، كبدت الأعداء خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات. وتعود بنا الذاكرة إلى موقف القائد العراقي الشجاع اللواء الركن عمر علي البيرقدار في حرب عام 1948، الذي أذل الصهاينة بقوة تتكون من ثمانمئة جندي عراقي مقابل خمسة وثلاثين ألف جندي إسرائيلي. بعد أن حوصرت قواته في جنين، فأبدى بسالة كبيرة في قتالهم حتى فك الحصار وهزمهم هزيمة مدوية، وكاد أن يقتحم تل أبيب، لولا الأوامر التي صدرت إليه من المراجع العليا بسبب الهدنة التي تمت بين القوات العربية والغزاة. إذ كبدهم خسائر في الأرواح والمعدات، وكانت من بين القتلى ابنة ( بن غريون) الذي أصبح رئيساً للكيان الصهيوني في ما بعد. وبعد أن توقف القتال وتمت عملية تبادل القتلى والأسرى بين الفريقين، أجبر القائدُ العراقي القائدَ الصهيوني (بن غريون) على حضوره شخصياً، لتسلم جثة ابنته من القوات العراقية، وأن تبتعد القوات الصهيونية عن الجيش العراقي مسافة 12 كم. وقد تم ذلك، على الرغم من طبيعة العلاقة التي كانت تربط الإرادة الملكية بالحكومة البريطانية. وقد إستمر هذا العداء المسّتعر بين إسرائيل والعراق، نظراً لموقف الحكومات المتوالية على العراق من الكيان وإدانة الأفعال التي يقوم بها تجاه شعبنا العربي الفلسطيني الصابر. كما أنَّ الاتجاه الرافض من المرجعيات الإسلامية بكل أطيافها ومسمياتها بعدم التعامل مع هذا الكيان، يفرض على الجميع واجباً أخلاقياً بالالتزام وعدم التفريط بحق إسلامي عربي مقدّس سلبهُ العدو عنوةً وبالقوة. وقد خادعت سياسات العدو السلطات العربية والسلطة الفلسطينية في مفاوضاتها المتكررة، التي أُجريت برعاية الولايات المتحدة الأميركية بأنها على إستعداد تام بتقرير المصير للشعب الفلسطيني وحلِّ الدولتين. في الوقت الذي نجد مشروعهم الاستيطاني يتمدد على الأراضي الفلسطينية عرضاً وطولاً، من دون أية مراعاة للقوانين الدولية المتخذة في قرارات الجمعية العامة للإمم المتحدة بذات الشأن.
 نأمل من مجلس النواب العراقي والسلطتين التنفيذية والقضائية، أن تتخذ الإجراءات القانونية الحازمة بحق المشاركين في مؤتمر أربيل لدورهم الضالع بالخيانة في هذا الوقت خاصةً. إذ العراق مقبلٌ على إجراء انتخابات نيابية واسعة، بيناً نرى المتصيدين في الماء العكر يسعون إلى تمزيق وحدة النسيج العراقي، وتفويت الفرصة على أبنائه من تحقيق مستقبلهم، الذي أريقت من أجله دماء الشهداء. وليكن موقفنا واحداً بتشريع قانون يجرّم المتهالكين على التطبيع (سيئ الصيت) باسم الشعب العراقي وعشائرهِ الحرّة العربية الكريمة.