لا إيمان من دون وعي
العراق
2021/10/05
+A
-A
سالم مشكور
لم يقتصر الامر على أتباع عقيدة او دين دون غيره. في لبنان تعالت صيحات المصلين في إحدى الكنائس احتجاجاً على إصرار الكاهن على عدم أداء طقس مناولة القربان كالمعتاد امتثالا لتعليمات المؤسسة الكنسية
لحماية المصلين. وفي اميركا وأوروبا، نشطت جماعات في التمرد على تعليمات الوقاية من لبس الكمامات وإلغاء التجمعات بكل اشكالها. وفي العراق شهدنا ظاهرة مشابهة، حيث عدم الالتزام بحظر التجوال، وتعليمات السلامة، خصوصا في المناسبات
الدينية.
واللافت للنظر هنا أن أغلب المتمردين يعتقدون أن ايمانهم هو الكفيل بتجنيبهم الإصابة، رغم أن المرجعيات الدينية تؤكد ضرورة الالتزام. هذا الامر يطرح تساؤلات بشأن طبيعة هذا الايمان وعلاقته بمستويات الوعي، وبالتالي جدوى الايمان بدون القدر الكافي من الوعي. فعندما يصرّ المصاب من هؤلاء، ورغم يقينه من الإصابة، على الخروج في تجمعات، ومن دون الالتزام بإجراءات تمنع انتقال العدوى الى الاخرين، ويتسبب بالفعل في إصابة العشرات، فهذا بالتأكيد لا علاقة له بالإيمان الحقيقي، فكيف يكون الانسان مؤمناً بعقيدة دينية ويقوم بالاضرار بالآخرين، بل أن الأديان كلها تحرّم الإضرار حتى بالنفس.
لكن الكارثة تكون أكبر عندما تصدر هكذا دعوات ممن يشغلون مقاعد الوعظ الديني، كذلك الخطيب الذي يصف زائر الضريح الحسيني مرتدياً الكمامة بـ"المنافق". هنا نكون أمام معضلة حقيقية تتمثل بغياب الوعي عند بعض من يفترض أنهم يتولون مسؤولية نشر الوعي.
لا دين يسمح بالإضرار بالنفس والغير، وليس إيماناً ذلك الذي يتناقض مع الدين الحقيقي. لا أتحدث هنا عن الغاء المناسبات الدينية، رغم ان الامر مطلوب اذا استدعت حماية الأرواح ذلك، ومصاديقها تعطيل صلاة الجمعة والحج، لكن المطلوب -على الأقل- الالتزام بإجراءات الوقاية حماية للنفس والغير.