سارية علم العراق

آراء 2021/10/06
...

 علي كريم خضير 
لاشكّ أنَّ أبهى صورةً ضُربت في التاريخ الإسلامي للرايةِ وحاملها هي صورة الإمام العباس بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) يوم فاجعة كربلاء الأليمة. 
 
إذ تحكي الروايات أنَّ الرؤوس عندما أُدخلت على يزيد بن معاوية لفت انتباههُ جبين الإمام العباس (عليه السلام) المقمر، فقال: لمن هذا الرأس؟ فقيل له: هذا رأس العباس بن علي، فقال: ما دورهُ في المعركة، فقالوا: كان يحملُ لواء أخيه 
الحسين.
فقال يزيد: آتوني باللواء.، فلمّا جاؤوا بهِ وقف مذهولاً من ثقلِ اللواء، وكثرة ما وجد فيه من خروق، بالشكل الذي بدا فيهِ اللواء ممزَّقاً بالكامل إلّا موضعاً واحداً،  وهو المقبض الذي مسك منهُ الإمام (عليه السلام) العباس اللواء. عند ذاك جلس يزيد وقام ثلاث مرات وهو يردّد ويقولُ ثلاثاً: أبيت اللعن يا عباس، ثم قال: هكذا يكون الوفاء للإخوّة وإلّا فلا. وعندما سمعت عقيلة الطالبيين (ع) ذلك الثناء من لسانِ خصمٍ لدودٍ إنفجرت بالبكاء على أخيها أبي الفضل العباس(عليه السلام).
  إذاً للراية قداسةٌ وحضور  في كلِّ مكان. وقد يكون لحضورها وهي ترفرف فوق ميادين القوات المسلحة علامات دالّة على عمق الانتماء الوطني، والشعور العالي بالمسؤولية. 
ومما يستوقف المرء، مشاهدة بعض المواقع والمؤسسات الحكومية المهمة وهي تخلو من ساريات العلم العراقي العالية، أو أنَّ الأعلام المرفوعة ممزَّقة بفعل الرياح، أو أنَّها قديمة لا تليق بمكانة المبنى الحكومي، وقد يكون من أبرزها مبنى وزارة الدفاع القديم، المبنى الذي يلخص تاريخ الجيش العراقي منذ تأسيسه وحتى اليوم، فبدلاً من أن تراه يحظى بسارية تصل في ارتفاعها إلى عنان السماء. إذ هو مجردٌ من 
ذلك؟. 
وقد يتصور كثيرٌ من الناس أنَّ هذه الالتفاتات هي مغالاة في الوطنية، أو هي شعورٌ مفرط باتجاه نقد الآخرين. لكن الحقيقة أنَّ الإشارة إلى ذلك هي مسؤولية الجميع، فقد يكون الإهمال غير متعمد، وقد يكون المسؤولون في هذهِ المواقع مشغولين بأمور تخصُّ العمل 
وتعقيداته. 
غير أنَّ الأقسام الإعلامية في تلك المواقع تتحمل الوزر الأكبر بشأنهِ، من جانب كونها المتخصصة في هذا المجال، وينبغي أن تكون لديها دراية كافية في إعطاء هذا الأمر الأهمية ا
لواجبة.
   وفي ذات الشأن، ينبغي أن نشير إلى أن بعض التعليمات الحكومية المعقدة التي عُمّمت من مصادر القرار إلى الدوائر والمؤسسات مؤخراً، التي تُفيد بأن شراء العلم العراقي لا يجوز إلّا بموافقة صادرة عن وزارة الثقافة بالعدد والمواصفات المطلوبة. ونعتقد أنَّ من الأحرى أن تنطبق هذه التعليمات على الجهات التجارية التي تستورد العلم من الدول المصنعة. 
إذ يجب أن تكون نوعية الأعلام من القماش الجيد، غير القابل للتلف السريع، ومن مصادر معروفة بكفاءة التصنيع، لكي تُغطى السوق بالأعلام ذات الجودة العالية، التي من شأنها أن تعكس الإهتمام الأمثل بنوعية العلم العراقي وجماليتهُ كي تتزيِّن بها المباني الحكومية، والساحات في المحافظات العراقية كافة، حينها ستعود بنا الذاكرة إلى صوت الشاعر الزّهاوي، إذ يقول:
 
عشْ هكذا في علوٍّ أيُّها العلمُ
  فإننا بكَ بعد اللهِ نعتصمُ