المنهج العلمي وإدارة السياسة

آراء 2021/10/06
...

  صالح لفتة 
 
المشكلات التي تعصف في كل الدول العربية تكاد تكون متشابهة وسببها الرئيس الابتعاد عن المنهج العلمي، وعدم اللجوء للعلم والعلماء لحل الأزمات وابتداع طرق وأفكار لا تصلح للعلاج، ولا يمكنها أن تحدث أي تغيير في كل جانب، والرجوع إلى حلول متخلفة والاعتماد على طرق قديمة وعادات وتقاليد وخرافات والافتاء في كل شيء من دون أي خبرة أو معرفة. حل  المشكلات والأزمات يجب ألا يكون اعتباطيا واجتهادات شخصية ومزاجية فردية يقوم بها من يملك القرار فتكون النتائج مزيدا من التراجع . 
حل  المشكلات يكون باستخدام الأساليب العلمية التي توضع حلولا جذرية وشاملة لكل المعضلات، تبدأ بتحديد المشكلة وأسبابها وطرح الحلول العلمية المناسبة والملائمة واختيار الأفضل بينها واستبعاد غير المناسب.  من الممكن استخدام البرامج الحاسوبية ووضع تحليلات للمشكلات وتبسيطها للحد الأدنى كذلك الذكاء الاصطناعي وإمكانية العالية بالتحليل وتقليل نسبة الخطأ. 
 إن نهضة الدول بالعلم وتفوق الدول بالعلم ووصول الإنسان للفضاء بالعلم وليس بالروحانيات والخرافات.  العلم هو السبيل الأوحد لحل مشكلاتنا، العلم هو الطريق الأسلم لتجاوز كبواتنا وأزماتنا، بالعلم والمعرفة نرتقي بالعلماء نستطيع منافسة الأمم والتفوق عليها. بالعلم نستطيع أن نجد الحلول لمشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والعلاجية وتوفير الخدمات وحل أزمة الإسكان والبطالة. 
هذا لا يتم دون إيلاء العلم والعلماء الاهتمام المطلوب وترك المزاجية والمحسوبية باختيار المسؤولين ووضع العلماء في أماكن اتخاذ القرارات وليس تنحيتهم جانباً. 
فمن ضمن استخدام الأسلوب العلمي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وارجاع كل أمر إلى متخصصية وعدم الخوض بكل شيء، ففي مؤسسات الدول العربية مقياس المفاضلة ليس الذكاء أو الإبداع بل الولاء للحاكم أو المسؤولين. 
إن استخدام المنهج العلمي يبدأ من الصغر والاهتمام بالمبدعين والأذكياء في المدارس والجامعات وتوفير بعثات دراسية لهم ودعم المجالات البحثية وتكريم المخترعين، وليس سحق المنهج العلمي وعدم وضع أدنى اعتبار للقامة العلمية. 
عندما هاجر الرسول من مكة إلى المدينة المنورة هو وصاحبه أبو بكر استعان رسول الله بالخبير في الطرق عبد الله بن أرَيْقط لم يكن الرسول جديدا على تلك البيئة ولا تنقصه الخبرة في السفر، وهو من عايش رحلة الشتاء والصيف وابن ذلك المجتمع، لكنه أراد تنبيهنا لأمر مهم وهو اتباع الأسلوب الصحيح بالحياة وعدم التصدي لكل شيء والافتاء بكل أمر دون الاستعانة بأصحاب الاختصاص. 
كل  المشكلات يمكن حلها إذا تم اعتماد المنهج العلمي وإعطاء فرصة للمتخصصين أن يبدعوا من دون تهديد أو ابتزاز أو ضغط أو خوف من السياسيين و إرجاع كل أمر إلى أهله.