التطبيع ورياح الكذب

آراء 2021/10/09
...

 عصام كاظم جري 
بلا أدنى شك أن  الغرضَ من  مؤتمر: (السلام والاسترداد». الذي عقد في أربيل نهاية شهر  أيلول / 2021، إثارةُ الطائفية من جديد، وإعادة مسلسل الفتنة، وتهديد التعايش المجتمعي للناس، واختراق السلم الأمني، لهذا جاء رد الحكومة العراقية ردا حاسما، التطبيع مرفوض. 
نقطة انتهى الامر، لأنه يخالف النظام الدستوري.
وبعد أن أعلنت الحكومة العراقية رفضها التام و القاطع لدعوات التطبيع سيئ الصيت مع إسرائيل، وأكدت موقفها التأريخي الداعم للقضية الفلسطينية، أكد الكثير من السياسيين والنخب الموقف ذاته وكذلك الأحزاب العراقية الوطنية.
وهددت بعضُ الشخصيات العراقية الوطنية بالتعامل مع المتطبعين بكل حزم، مؤكدين أن العراق عصي على التطبيع.
جاء ذلك ردا على دعوات التطبيع الصادرة عن مؤتمر إبراهام «السلام والاسترداد»  الذي عقد برعاية مركز اتصالات السلام في اربيل.
نحن على دراية تامة بان  فلسطين مُحتلة واسرائيل كيان غاصب مهما حاول بعض المرتزقة العملاء تلميع وجه الكيان الصهيوني، فأنه كيان ضال لا محال، وان فكرة إقامة علاقات مع اسرائيل المحتلة لم تكن وليدة مؤتمر اربيل في أيلول 2021، بل جاء هذا المؤتمر ليؤكد هذا الرأي، لقد بدأت الزيارات الاولى لاسرائيل منذ ايلول 2004 حين زار «مثال الالوسي زعيم حزب الأمة» اسرائيل لاول مرة وذلك لحضور مؤتمر مكافحة الارهاب، وقد كشفت وسائل الاعلام تلك الزيارة، كما زارها للمرة الثانية في أيلول 2009 بعدما فاز بمقعد في مجلس النواب، ومما لا شك فيه أن رسم السياسة الخارجية للعراق من مسؤولية الحكومة المركزية الاتحادية حسب ما جاء في الدستور العراقي، وقد صرحت حكومة العراق علنا منذ البدء بأن هذا المؤتمر لا يمثل رأي العراقيين، وقد عبرت الحكومة عن استنكارها بالوقت المناسب.
لقد  اثار هذا المؤتمر غضب الحكومة العراقية وغضب القوى الشعبية قاطبة وغضب الشارع العراقي، لذا جاء الرد الرسمي سريعا ودون تردد.
ولكن ثمة أسئلة جادة، أسئلة اطلقها على نافذة مفتوحة 
 لماذا أرييل تحديدا؟
ولماذا بهذا التوقيت  الحرج للعراقيين والمنطقة بأكملها؟
لا سيما والشعب العراقي يعيش فترة انتخابات.
ولماذا شيوخ المنطقة الغربية بالذات؟
إذا كان ثمة شك للبعض بان المنطقة الغربية تسعى لإقامة علاقات مع إسرائيل فهذا واهم وبالدليل ان السيد محافظ الانبار قدّم شكوى قضائية ضد المشتركين بمؤتمر «السلام والاسترداد ابراهام».
واضافة إلى ذلك أعلنت العشائر العراقية العربية في محافظة الانبار استنكارها التام وتنديدها لهذا المؤتمر، اذن مع وجود حكومة رصينة وقوى وطنية عراقية مخلصة، ورأي عام متماسك، لا يمكن ان يمرر  هذا المشروع، ولن يُحدث هذا المؤتمر شرخا في الواقع العراقي، اسوة بالصفحات الفيسبوكية الممولة في مواقع التواصل الاجتماعي والتي حاولوا من خلالها تغيير ديموغرافية الشعب العراقي، لكنهم فشلوا امام القوى الوطنية الرافضة للتطبيع وللتقسيم وللطائفية والجهوية والفئوية ، ونعود مرة أخرى إلى السؤال الأهم  من المستفيد من هذا المؤتمر؟ سؤال بين يدي القارئ.
هل هذا المؤتمر «جس نبض» للشباب العراقي؟
ومناغمة  الجيل الجديد الناقم على الاحزاب وغيرها، هل هذا المؤتمر هو «ألف باء»  لتطبيع حقيقي قادم؟
اذا كانت اسرائيل بانتظار موقف رسمي من اقليم كردستان العراق فقد جاء فعلا هذا الموقف، وقد جاء سريعا، حيث نفت حكومة الاقليم ومنذ أول وهلة علاقتها بالامر جملة وتفصيلا، وبائت بالفشل مزاعم من يظن ان الاقليم سيعلن التطبيع مباشرة بعد إعلان مؤتمر «السلام والاسترداد».
وبلا شك كل الادلة تكشف بأن المؤتمر معد سلفا من قبل بعض الشخصيات والاحزاب غير الفعالة والمنهارة انتخابيا، والتي تتكئ على البالون الاسرائيلي الاميركي، لتزايد تلك الشخصيات بالتنديد والاستنكار المتصنّع لغايات مقصودة، ان انعقاد هذا المؤتمر والدعوة إليه ما هو إلا  لرفع شعبية ورصيد هذه الاحزاب والشخصيات  بعد ان ادركت بأنها مفلسة وستعلن افلاسها التام يوم فتح الصنادق الانتخابية، يوم العد والفرز، اذن بعد كل هذا الرفض والشجب والاستنكار والتنديد، ماذا ينتظر دعاة التطبيع حين جاء إعلان مجلس القضاء الأعلى بصدور مذكرات قبض بحق المشاركين في مؤتمر ابراهام  «السلام والاسترداد»؟
والذي دعا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل!.