الصندوق الأبيض

آراء 2021/10/11
...

 حمزة مصطفى
 
في العادة يسبق موعد نشر المقال في أي جريدة هو موعد كتابته الذي لايقل عن يومين. هذا المقال كتب قبل الصمت الانتخابي بيوم وموعد نشره بعد يوم من يوم التصويت العام في انتخاباتنا النيابية. 
الديمقراطية حلوة لمن يتقن ولو «ست دراهم» قواعد لعبتها. أمس تكون ذهبت حاملا ورقة الانتخاب الى صندوق الانتخاب. صندوق أبيض بمواصفات الصناديق التي تمنح أخطرها تسمية «الصندوق الأسود» بدءا من «صندقجة» عجائز قبل الى صناديق الطائرات السوداء. 
كل ورقة توضع في هذا الصندوق هناك في المقابل وجه أبيض بدأ يبتسم ووجه آخر يعطي ألوانا سوداء وحمراء وزرقاء وبنفسجيا. 
كل ورقة توضع في هذا الصندوق تعني صناعة أربع سنوات قادمة، قوامها مجلس نواب جديد وحكومة جديدة ومعها شغل جديد وربما «كلاوات جديدة». 
 لكن الأمور ليست هكذا على «بلاطة» كما يقال. فالصوت حين يوضع في الصندوق له ثمنه. والقادر على التصويت حين يمتنع عن التصويت بذريعة الديمقراطية لا بد أن يكون مؤمنا 
بها. 
المجال لا يتسع لعقد مقارنات ومقاربات على صعيد مفاهيم المعارضة والموالاة، أو الأغلبية والأقلية، لكن أقول إن اليوم الاثنين يكون عندنا ربما مئات من النواب الـ 329 الذين كانوا حتى يوم أمس نوابا وإن كانوا مرفوعي الحصانة بانتظار يوم التصويت سيكونون خارج البرلمان. لماذا؟ لأن الصندوق رفضهم. لماذا؟ لأنه أبيض، مفتوح، مقدماته الصحيحة تؤدي بالضرورة الى مخرجات صحيحة. 
تتقدم مع الورقة البايومترية أو حتى القصيرة وبعملية تبدو معقدة يصعب معها تزوير إرادتك «أتحدث عن هذه الانتخابات تحديدا» فيها فتكون النتيجة نائبا تكون قد اخترته بمحض إرادتك. لكن أية إرادة هذه؟ هنا يكون الفارق بين الاختيار الصحيح 
والخاطئ. 
وفي هذا المفصل لا علاقة للديمقراطية ولا آبائها المؤسسين بدءا من ديمقراطية أثينا الى آخر ديمقراطية «نص ردن» بما وضعت أنت في الصندوق. في النهاية وبصرف النظر عن رؤيتين مختلفتين بشأن الإيمان بصندوق الاقتراع طريقا للتغيير أو طريق آخر أو لاتغيير أصلا لهذا السبب أو ذاك، فإن الحاصل أن برلمانا جديدا وحكومة جديدة سوف تتشكل ملامحها الأولى، بدءا من اليوم حيث بدأت نتائج التصويت تظهر، بينما تراجعت نظرية الدبابة والبيان رقم واحد ومحاصرة دائرة الإذاعة والتلفزيون. هذا كان زمان «على كولة» أم 
كلثوم.