مرحلة جديدة أم كأخواتها؟

آراء 2021/10/11
...

  د.عبد الواحد مشعل
نظرا لأهمية الزمن في حياة الإنسان الذي لا ينتظر احد، فالذي يمسك به، ويقدم انجازا فقد فاز، ومةن لا يعي بماهية القانون الكوني في التغير والتطور، فقد تأخر عن ركب الحضارة الإنسانية سريعة التقدم والتغير، وإزاء ذلك نطرح تساؤلا محوريا بعد ثماني عشر سنة، هل يتحقق حلم العراقيين بالتنمية والاستقرار والرفاهية؟
إذ لا يمكن تحقيق النجاح في نهضة إي مجتمع دون إن يكون هناك إسهام حقيقي لمشروع تنموي،يعمل القائمون عليه على توظيف ما تحدثوا عنه في دعايتهم الانتخابية بمسؤولية وطنية في إجراءاتهم التنفيذية، تدفع المجتمع العراقي نحو التطور بعد أن عانى كثيرا من ويلات الحروب والأزمات المتلاحقة خلال تاريخه 
الحديث.
 فمن المنطقي أن تحقيق ذلك يتوقف على توظيف المعرفة في علاج مشكلات وظواهر المجتمع المتفاقمة، وإيجاد آليات صارمة في إيقاف عجلة الفساد واسترداد أموال العراق، وفي الوقت نفسه يتساءل الإنسان العراقي اليوم عن مدى توفر الإرادة الحقيقية في الالتفات الى تنمية الداخل، وهو شرط منهجي ملزم، يساند ويخطط له من مراكز الأبحاث بمختلف اختصاصاتها في بناء قيم جديدة تؤكد النزاهة والخروج من عباءة الانقسامات الفئوية، بغية وضع الحلول المناسبة لإنسان تسيطر على عقله حالة فقدان الأمل، ولعل فهم إشكالية ذلك بشفافية ومراجعة نقدية بناءة تكون بمثابة المفتاح الى عهد التنمية الذي يحلم به الإنسان العراقي، ونجاح هذه الخطوة مرهون بصدق النوايا في المرحلة القادمة، ونجاح ذلك مرهون ايضا بمراجعة السياسات الداخلية والخارجية، والاتجاه الى التخطيط المحلي للتنمية بكل مفاصلها من خلال ترسيخ ثقافة المواطنة، وإرساء دعائم العمل الوطني، لتبديد مخاوف الإنسان العراقي من تكرار السياسات الماضية التي طالما كانت محط نقد منه، لذا يتطلب من المعنيين بالمرحلة القادمة ترسيخ الثقة بين المواطن والدولة وبلورة قناعات جديدة تولد الإحساس بالأمل في إطار وطني، تقوده حكومة تضطلع بدورها المفترض تجاه ترسيخ مفهوم الدولة وسيادتها،وان إي توجه جديد بهذا المعنى سيسهم في حل مشكلات المجتمع بتوظيف ثرواته الضخمة في إشباع حاجات الانسان الأساسية، وهو أمر ليس بالهين إذا ما بقيت العقلية المصلحية القائمة على استثمار السلطة والعلاقات الفئوية في تحقيق مكاسب غير مشروعة، ما يتطلب من الجميع فردا ومجتمعاً ومؤسسات محاصرة الأفكار الضيقة، والتفكير بمصلحة دولة محورية تتميز تاريخا وثقافة وحضارة عن كثير من البلدان تعيش رحلة نهضة وتقدم، إذن الإشكالية في جذرها مشكلة ثقافية، ما يتطلب من الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة ومراكز العبادة الاخرى، بلورة تنشئة ثقافية واجتماعية ينتج عنها قيم سائدة أساسها الحوار والاعتراف بالآخر والشعور بمسؤولية تجاه بناء مستقبل مجتمع خالي من الانقسام والفساد بدلا من قيم فرضت قوتها على السلوك الاجتماعي العام، وبلاشك ذلك يتطلب ذلك حملة تثقيفية من وسائل الإعلام والقوى المؤثرة في المجتمع، فضلا عن تفعيل عمل مراكز أبحاث، وادوار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، وأصحاب مراكز القرار على تحويل قناعاتهم المحلية الى قناعة تتجاوز كل أخطاء الماضي، وبمتابعة مستمرة وجادة من اجل بلورة مفهوم شامل للوطنية من قبل الجميع، وبخلاف ذلك سيكون الانتظار لمرحلة بمثابة فشل وتراجع، وبما سيفرز متغيرات يصعب التنبؤ بآثارها على الفرد والمجتمع والدولة.