بلاغة الأرقام

آراء 2021/10/14
...

  حارث رسمي الهيتي
 
كلما ابتعدت المدة عن احتجاجات تشرين من العام 2019 كلما نكتشف كثيراً مما أشرت اليه وصرخت ضده أصوات المحتجين رغم ما تعرضوا له، لتشرين شأنها شأن الأحداث العظيمة والمفصلية في تواريخ البشر والبلدان أكثر من دلالة، فلم تحرج هذه الحركة الأحزاب السياسية فقط حين اكتشفت تلك الأحزاب إنها غفلت في مشوارها جيلاً صاعداً يريد أن يُسمع كلمته، بل أحرجت البرلمان العراقي باعتباره ممثلاً لهذا الشعب، وقوف الناس بمختلف الخلفيات والمرجعيات والرقع الجغرافية في الشوارع والساحات لإيصال صوتهم، هو إحراج كبير للنواب الذين من المفترض إنهم الممثلون عن 
هؤلاء. 
الدورة البرلمانية التي أنهت أعمالها قبل أيام وهي الرابعة واجهت تحديات كبيرة حقاً، ورغم تلك التحديات إلا أن الأرقام التي كشفها تقرير المرصد النيابي العراقي الذي أعلن ونشر قبل أيام تدعو للتوقف ملياً، فالاحتجاجات الشعبية كانت قد انطلقت أول ما انطلقت نتيجة لغياب فرص العمل وعدم توفرها، في الوقت الذي يدخل الآلاف كل عام إلى سوق العمل لتأتي جائحة كورونا وما خلفته من تأثيرات في الفئات والشرائح الفقيرة والمعدمة، ومع هذا لم تقدم لجنة العمل والشؤون الاجتماعية قانوناً واحداً طيلة الأربع سنوات حسب التقرير! 
سجلت هذه الدورة النسب الأقل في عدد جلساتها التي بلغت (149)، والأقل من ناحية القوانين المصوّت عليها (92) قانوناً، والأقل من حيث معدل الحضور العام (203) من هذا الرقم الأخير نستنتج أن معدل الغياب العام بلغ (126) ومع ازدياد نسبة الغياب هذه إلا المجلس لم ينشر أسماء من تخلف عن حضور الجلسات، في مخالفة واضحة وصريحة لقانون مجلس النواب. 
ويضاف لها عدم تأدية اليمين الدستورية لـ (4) أعضاء إلى الآن. 
واحدة من أبرز دعائم استقرار النظم السياسية هي الثقة، الثقة والشفافية بين النظام السياسي ومؤسساته من جهة، والشعب من جهة ثانية باعتباره المانح الحقيقي للشرعية، وفي واحدة من اكبر ملامح غياب الشفافية ما يذكره التقرير من عدم تصويت مجلس النواب العراقي على حساباته الختامية إلى الآن.