زينب تحسين
في عالم الحوار والحديث، هنالك وثيقة تحدد المعايير الأخلاقية والسلوكية في الحوار بين أفراد المجتمع وتمارسها قوة ذاتية تنبع من ضمير الإنسان الذي هو سلطته الرقابية الأولى، باعتبار أن الحوار من الروافد الرئيسة وعادة مكتسبة أو جزء من نمط الحياة ومضامينها السلوكية، فثمة الكثير من المغالطات أو بشكلٍ أدق عدد من المعلومات والأخطاء الحوارية التي تتخذها العامة كقاعدة وتلتزمها في عملية التواصل اللفظي وتبادل الحديث والآراء المختلفة بينهم، فللحوار سمات أخلاقية، هي أساس الحضارة ووسيلة للمعاملة بين الناس وتغيير الواقع الحالي الى العادات والحوارات الجيدة التي ترفع من شأن صاحبها وتشيع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع.
الهجومية اللفظية
في كثير من الحوار صخب هجومي ولفظي كأنه مخلب مميت، كما قال محمد ناجي - المختص بعلم النفس. ويستطرد: ان هناك علامات على تحول الحوار الى جدال وهجوم لفظي من بينها ارتفاع الأصوات تدريجيا وتغير ملامح وجه المتحدث وانفعالاته وإنكار البديهيات وكأنها مخالب تخدش المقابل، وأضاف محمد {ان من دواعي الحوار معالجة الخلاف وتوضيح الحق وبناء المفاهيم واتخاذ القرار، والتأثير والإصلاح بين الناس عبر التفاوض والابتعاد عن الانفعالات العصبية}، مشدداً على دور الأسرة في البيت بالقدرة على التعبير بشكل دقيق وبلغة لائقة وعدم رفع الأصوات والتهويل والاعتداء في وصف الآخر وعدم أخذ زمام الحديث بالقوة.
وتابع : أما من ناحية علاقة الزوجين وإفساد الحوار بينهما فهو الإنكار ورفض الحوار في الأصل والإسقاط والاتهامات المتبادلة والخروج عن الموضوعية في الطرح، والانفعال من احد الطرفين، والمراوغة والتهرب من الحوار البنّاء الذي يفضي لنتائج إيجابية، وينصح محمد ناجي بالالتزام بالحوار الدوري والإصغاء للطرف الآخر حتى لا تحدث تراكمات، فضلاً عن الاهتمام بسماع نصائح الموثوق فيهم من ذوي الخبرة والبصيرة.
التقصير التعليمي
لمياء السلطاني - مشرفة تربوية، تسلط الضوء على موضوع الحوار داخل المؤسسات التعليمية التي ترى انه ما زال غائبا رغم أهميته الكبيرة كصلة وصل بين التلميذ والمؤسسة التعليمية، وتؤكد السلطاني دور المؤسسات التعليمية في غرس أهمية الحوار لدى الناشئة، وتدعو الفاعلين في ميدان التعليم الى الاشتغال على أنفسهم أولاً، ثم التلاميذ للتشبع بثقافة الحوار الحر، مضيفة: يمكن أن يكون غياب الحوار في المدرسة نتيجة لغيابه في الوسط الذي ينشأ فيه التلميذ، حيث لا يتم الإصغاء لهذا الأخير أو إعطاؤه فرصة للتعبير عن آرائه، وهو أمر ينبغي أن يشتغل عليه الآباء والأساتذة، بحيث يواكبون الأطفال في كل مراحلهم العمرية ويتحاورون معهم ويستجيبون لمطالبهم واحتياجاتهم.
الشخصية الحكيمة
أبو احمد - متقاعد في منتصف الستينيات، يقول: اننا مخلوقات الله المعززة المكرمة التي ميزها الله بنعمة العقل عن سائر مخلوقاته ويجوز للأطراف المتناحرة أن تختلف، ولكن يجب أن يبقى بينهم الاحترام اللفظي في الحوار من دون قطيعة ومن دون الشعور بالانتصار والهزيمة او الربح والخسارة أو ضعف في الشخصية، ويضيف: نحن نعيش فترة غياب ثقافة الحوار والتسامح بيننا ولا نرى في اختلاف الآراء رحمة وتنوعا فكرياً، ويؤكد أبو احمد ان الثقة بالنفس والاعتزاز بالشخصية الحكيمة من عوامل الاحترام للذات واحترام لمستوى الحوار، وان الاختلاف هو سنة الله في عباده، لكن يجب أن نعلم أن الاختلاف في الحوار شيء والتنافر شيء آخر، ولذلك لا بد أن نعلم أولادنا منذ صغرهم أدب الحوار اللفظي واقناعهم بأننا لا يمكن أن نسوق العالم كله لأفكارنا من دون أن نعطي للطرف الآخر الفرصة الكاملة لإبداء ماعنده من أفكار ومعطيات.
حوارنا في وظيفتنا
كما ان لعلاء يوسف – موظف، مفهومه الخاص في الموضوع على قاعدة ان الاحترام والتواضع والتفوه بمفردات أخلاقية هي أساس العلاقات الإنسانية الدائمة بين المجتمع سواء في المؤسسات الحكومية أو خارجها، ويوضح علاء: ان تنظيم العلاقة مع الرؤساء والزملاء والمرؤوسين من خلال الحوار بشكل أخلاقي وثقافي، هو سمة من سمات المجتمعات المتحضرة والابتعاد عن العنف والإقصاء والغاء الآخر، ويلفت علاء النظر الى أهمية تطبيق فقرة السلوك الوظيفي للحد من استخدام حوارات ومفردات غير لائقة ينتج عنها الخلاف والجدال والانقسام.