بعد استراحة حقيقية هذا العام مع شيء من الشتاء والمطر ، بدأ الصيف يعلن عن نفسه ويفتح ذراعيه المطرزتين بالشمس ؛ وهو صيف يتوقعه المراقبون أشد حرارة ولهيباً من سابقه ، لذلك لابد لكل مفاصل الدولة من مراجعة استعداداتها واجراءاتها وما انجزته استعدادا للصيف القادم .
فعلى مستوى الكهرباء لا اظن شيئا من التحسن في الأفق ، لكننا مازلنا في البداية ولدينا الوقت الكافي لكي نتدارك الأمر ؛ فلقد كان لحرارة صيف العراق اللاهب الدور الأكبر في اشعال التظاهرات المطالبة بالخدمات بشكل عام ، والكهرباء على وجه الخصوص ، لاسيما في محافظة البصرة التي لم تنعم بشيء من الخدمات في السنوات الأخيرة ولم تحصل سوى على الوعود التي لم تجد لنفسها طريقا للتنفيذ ولا سبيلا لجعلها امرا واقعا وملموسا .
وقساوة صيف العراق معروفة للقاصي والداني ، ولها مساس كبير بكل مفاصل الحياة ، فعلى مستوى اختناق الطرق يحتاج المواطن الى التحرر من طوابير الاختناقات المرورية ، ويحتاج الى شوارع مفتوحة صالحة لانسيابية السير ؛ اما على مستوى المدارس والجامعات فالحاجة ماسة جدا لاجراء فحص شامل لكل ما من شأنه تقليل وطأة الصيف ، بدءا من عدد الطلبة في ( الصف ) الواحد ، ومرورا بمكيفات الهواء وتوفر الماء البارد الصالح للشرب ، وليس انتهاءً باوقات الدوام والامتحانات التي تكون في ذروة ارتفاع درجات الحرارة . لقد خرج اهالي البصرة في الاعوام الماضية في تظاهرات كبرى كان اساسها المطالبة بالكهرباء ، حتى احتدمت تلك التظاهرات ووصلت الى بغداد لتستقر في ساحة التحرير ببغداد ، ثم لم يتحسن شيء ، سوى ان الصيف الماضي انتهى وتخلصنا من الحر اللاهب على امل ان تتدارك الوزارات الخدمية الأمر وتوفر مستلزمات الحياة . ولعل اقسى لحظات الصيف تلك التي يعانيها المريض في المستشفى ، ولقد شاهدت بأم عيني كيف ينتظر المرضى في طوابير طويلة من دون حتى مروحة ، وهم يتصببون عرقا ، فضلا عن تسبب اختناق المكان بمضاعفة الامراض وانتشار العدوى ، في صالات ضيقة خالية من ابسط اجهزت التبريد ، بل خالية حتى من المراوح والانارة ، وهذه الحالة كانت في مستشفى اليرموك التعليمي ، حيث لايتنفس المواطن شيئاً من الهواء الا بعد دخوله لغرفة الطبيب التي لانعرف كيف تبقى وحدها مكيفة ومضاءة من دون توفر ذلك في صالات
الانتظار .
اجراءات بسيطة وحلول مؤقتة قد تسهم في تجاوز الازمة المتوقعة ، كأن تلزم المدارس والجامعات والمستشفيات بتوفير الكهرباء الأهلية ( المولدة) او يتم استثناؤها من برامج القطع كي ننعش الحياة في هذه المرافق الحيوية المهمة .
كما اننا نحتاج الى مراقبة العلاقة بين برمجة الكهرباء وتشغيل صاحب ( المولدة ) لأن تنسيقا مريبا يتم بينهما على حساب مصلحة المواطن .