خارج نظرية المؤامرة

آراء 2021/10/23
...

 محمد شريف أبو ميسم
 
القاء تهمة الهوس بـ«نظرية المؤامرة» على أي محاولة منطقية في قراءة الأحداث، هو هدف ووسيلة سعت اليهما مؤسسات العولمة الثقافية لتجهيل الناس، وهي بصدد الهيمنة على بلدان العالم لصالح من يتحكمون بمقدرات هذا الكوكب. 
وهذه الحقيقة تجلت في كثير من اعترافات العاملين مع هذه الجهات، فبحسب ديفيد سي كورتن صاحب كتاب «عندما تحكم الشركات العالم» فان شركات العولمة تحتكم على نحو 85 % من مقدرات كوكب الأرض، وتدير شؤون البلدان التي تقع تحت سطوتها، اذ تصنع الحكومات وتركّعها عبر أساليب المديونية والتبعية، أو تطيح بها ان شاءت.
وكورتن هذا ابن المؤسسة الرأسمالية وليس اشتراكيا ولا اسلاميا راديكاليا.
انتقد سلوك الشركات ووحشيتها ومنحنا العديد من الاجابات للأسئلة التي تثيرها الأحداث من حولنا في اطار المؤامرات التي تحيكها الشركات.
بنيما يعترف «جون بيركنز» وهو خبير اقتصادي دولي، في كتاب الاغتيال الاقتصادي للأمم «اعترافات قرصان اقتصادي»، ان منظمات يديرها رجال أعمال وسياسة، تمولها شركات العولمة بالتعاون مع المخابرات الأمريكية، توظف ما يسمى بقراصنة الاقتصاد الذين يزيفون الحقائق من أجل تضليل العاملين في الحقل الاقتصادي في البلدان المستهدفة وتوريط الحكومات بالمديونية، اذ يقول بيركنز «إن قرصان الاقتصاد يحقق أعلى نجاحا عندما تكون القروض كبيرة لدرجة تضمن عجز الدولة المستدينة عن السداد في ظرف سنوات قليلة.
آنذاك نسلك سلوك المافيا ونطلب رطلا من اللحم مقابل الدين. وتتضمن قائمة طلباتنا واحدة أو أكثر من التالي: السيطرة على تصويت الدول في الامم المتحدة أو انشاء قواعد عسكرية أو الهيمنة على موارد الثروة كالبترول أو الممرات المائية. ويبقى المستدين مثقلا بالدين، وبذلك يضاف بلد آخر الى امبراطوريتنا العالمية).
وفي موضع آخر من الكتاب يتوقع بيركنز أن ينبثق عن ذلك نظام شبيه بنظام الاقطاعية في القرون الوسطى.
وفي كتاب «عقيدة الصدمة.. صعود برجوارزية الكوارث» للكاتبة الكندية نعومي كلاين، تتضح الصورة أكثر بموجب نظرية الصدمة التي جاء بها الاقتصادي «ميلتون فريدمن»، لتركيع الشعوب التي عانت من الدكتاتوريات بطريقة الصدمة على مدار سنوات من الأزمات والفوضى والفساد بهدف دخول العقل الجمعي في غيبوبة الوعي والقبول بالحلول الجاهزة، التي ستأتي بسلطة رأس المال الأجنبي لتحل محل سلطة الدولة في سياق ليبرالية السوق وتحت مظلة العولمة، الا أن المنهج العقلي ما زال متهما بهوس نظرية المؤامرة حيال من يعد الاحداث تجري بمعزل عن تدخل هؤلاء الذين أنفقوا سبعة ترليونات على مشروعهم في الشرق الأوسط.