محنة الإدمان الالكتروني

آراء 2021/10/23
...

  ابراهيم سبتي
 افرزت منصات التواصل الاجتماعي، الكثير من الفوائد والمشكلات والمنغصات على حد سواء. اما الفوائد فلا تعد ولا تحصى، وهي محط اعجاب ودهشة المستخدمين اصحاب العقول الراجحة، الذين يصلون عن طريقها الى مبتغاهم واهدافهم الايجابية والنبيلة.
 اما المشكلات، فإنها اكثر من الفوائد بالتأكيد ذلك انها تمنح حرية اكثر في الاستخدام السيئ وغير المهني، وبالتالي تشكل هاجسا يوميا للعوائل التي ترى ابناءها وهم يستخدمون منصات التواصل استخداما مطولا من دون الالتفات الى الوقت. وهنا تتشكل رويدا رويدا مأساة للمراهقين خاصة وبعض الكبار معهم، وهي حالة الادمان غير المبرر امام الشاشة التي تتوقف عندها كل الفعاليات الحياتية والاجتماعية بروابطها وعلاقاتها. 
بما يؤكد بالدليل بأن هؤلاء، قد انقطعوا عن المحيط وعن اداء واجباتهم الاخرى بما يشكل مرضا من نوع اخر وهو الايغال بالادمان الالكتروني الذي نراه قد استفحل في الآونة الاخيرة على مستوى المجتمعات والذي يبدأ من البيوت. 
وبكلام علمي نجد ان الادمان سيكون حافزا لتعطيل جميع الانشطة الاجتماعية والروابط الاسرية والانشغال بالانفعالات والسلوكيات المستهجنة، التي تنتج عن الساعات الطويلة التي يقضيها المستخدم امام شبكات التواصل الاجتماعي بغياب الوازع التربوي والديني. 
في هذه الاثناء، تتولد بذرة الانفصال عن العالم والاندماج مع البرامج والالعاب والمنصات وربما البرامج الضارة سلوكيا وعقليا، اندماجا كبيرا مثيرا للاستغراب والحيرة. ان تعطيل الابداع العقلي والسمات الخالقة للموهبة، يعد خسارة كبرى للمجتمع باعتبارها طاقات معطلة لا تنتج سوى الخراب والادمان على المضامين التي تخرج عن تلك الاستخدامات. لا مناص ان جميع فئات المجتمع، يرغبون في التواصل الاجتماعي عن طريق الشبكة العنكبوتية، ولا بأس من التواصل والفائدة والمتعة واشغال الذات بالأشياء المفيدة، لكن الاستخدام الذي يخرج عن حدوده المألوفة، قد يولد احيانا بعض المشكلات المترتبة جراء الانقطاع التام عن العائلة والمجتمع، وهذه المشكلات يمكن ان تتعدى السلوكيات المألوفة لتخرج عن حدودها المعروفة لتدخل الى خانة الرفض من قبل الشخص المدمن، لجميع ما يحيط به ويتصرف كانه في غابة لا يرى فيها من يحبه او من يتعاطف معه. 
فيقع في دائرة الفوضى وعدم الانضباط المؤدي الى الافعال المشينة احيانا. يقول بعض الخبراء بان استخدام الانترنت لاكثر من اربعين ساعة اسبوعيا سيؤدي الى الادمان الفعلي. ونقول ما بالك بان البعض يستخدم المنصات ويتباهى بها عن طريق النشر والتعليق ونشر الصور، الى اكثر من 80 ساعة وربما يصل الى اكثر بالتأكيد. 
ان هذا الفعل المستهجن هو بالتالي جزء من تعطيل القدرات النفسية والجسدية وانقطاعها عن المحيط الخارجي، ما يجعلها عرضة لرفض كل الافعال الجيدة التي يرونها افعالا شاذة وغير مثيرة. ان شبكة التواصل الاجتماعي، وجدت لراحة وخدمة الناس وليس الى تدمير الحالة النفسية والانقطاع عن الروابط الاسرية والاجتماعية. ما يسبب انجرار البعض الى افعال غير طبيعية وربما لا تليق بالأخلاق والتربية التي ينشدها المجتمع. 
وخير علاج للإدمان الالكتروني هو مشاركة الأسرة في تنبيه المستخدم المراهق او غيره بضرورة التقنين في متابعة المنصات والعمل على اظهار الحالة الاخلاقية والاسرية، التي يجب ان يتحلى بها الشخص ويتذكرها حال الاستخدام، وينسى حدوده الانسانية والاجتماعية، فبعضهم يروح في اندماج ويتفاعل تفاعلا غريبا مع ما يراه على الشاشة مما يزيد تعلقه، وبالتالي يدمن ويخسر الكثير من عناصر حياته وابسطها دراسته وعمله والادهى تضحيته بالرابط الاسري الذي يراه شيئا عاديا لا يخسر شيئا بانقطاعه عنه طالما يوجد من يوفر له البديل وهو الادمان على اشده.