الأخلاق أولاً

آراء 2021/10/23
...

  حسين الصدر
                                      
- 1 -
الصفات الرائعة والمناقب الساطعة كثيرةٌ للغاية، وقد اجتمعت في شخصية الرسول الاعظم (ص) فكان بحق سيّدَ البشريةِ الصالحة دُونَ منازع.
 
- 2 -
والسؤال الآن:
انه الممدوح مِنْ قِبَلِ رَبِّ العزّةِ في مواضعَ عديدة من كتابهِ المجيد فلماذا كان الوسام الأرفع هو قوله تعالى:
(وإنّك لعلى خلق عظيم) 
القلم/ 4 
والجواب:
اننا لا نستطيع أنْ نغفل عن ثقل (الاخلاق) في الميزان، ودورها في احراز النجاحات الرسالية، وأثرها الكبير في إرساء دعائم الأمن والسلام الفردي والأُسَري والاجتماعي والدولي.
 
- 3 -
وحين مُني العامل الأخلاقي بالاهتزاز انفتحتْ أبوابُ الأزمات والمشكلات ولم تُغلقْ حتى الان، ولم يختص بذلك بلد دون بلد، ولا قومية دون قوميّة.
وأصبحت النجاحات العلمية الباهرة في ميدان التصنيع العسكري لُغْماً تخشى البشرية انفجارَه.. وتم ذلك حين استهانت الحضارة المعاصرة بالاخلاق وقِيَمها الانسانية السامية.
 
- 4 -
إنّ الحضارة الرفيعة هي الحضارة التي تعطي الأخلاق مكانتها العليا وتجعلها ميزان التقدم 
الحقيقي.
وهذا ما امتازت به الحضارة 
الاسلاميّة.
 
- 5 -
وتغنّى الشعراء بالاخلاق حتى أنهّم اختصروا بها القول بالأمم والشعوب رفعة وانحطاطاً. 
وانّما الاممُ الاخلاق ما بَقِيَتْ 
فانْ هُمُ ذهبَت أخلاقهم ذَهَبَوا.
*
واذا أُصيبَ القومُ في أخلاقهم 
فَأَقِمْ عليهم مأتماً وعويلا 
*
وقال كاتبِ السطور:
امتدحَ اللهُ نَبِيّ الهُدى 
وخَصَّ بالذِكْرِ عظيمَ خُلْقِهِ 
وانّما الاخلاقُ ميزانُه 
فَقِسْ بِهِ مَنْ شئتَ منِ خَلْقِهِ 
- 6 -
وسيرة الرسول (ص) عابقة بشذا مكارم الاخلاق، تطابُقَاً مع الهدف مِنْ بعثته المباركة، حيث بعثُ ليتمَمَ مكارم الاخلاق – كما قال (ص)...
 
 - 7 -
روي انه (ص) سمع أحد المسلمين يدعو ويقول:
اللهم أرحمني ومحمدا،
ولا ترحم معنا أحدا "
فقال له ما مُؤَدَاهُ:
يا هذا لقد ضيّقت واسعا.
وصدق (ص) فانّ رحمة الله وسعتْ السموات والارض، وكان هو (ص) رَحْمَتَه المُهُداةَ لانقاذ البشرية من كلّ أمراضها وعوامل تخلفها وشقائها...
 
- 8 -
وما أكثر الانانيين النرجسيين الذين يزعمون أنهم محمديّون ولكنهم يفشلون في اثبات مزاعمهم!.
 
- 9 -
ولا أريد الاطالة فَكَتابُ الخُلْقِ النبويِّ العظيم مليءٌ بأروع المواقف والدروس 
ومنها:
روي انه (ص) كان في سفر، فأمر باصلاح شاة، فقال رجل:
يارسول الله:
عليّ ذَبْحُها،
وقال الآخر:
عليّ سَلْخُها 
وقال الآخر:
عليّ طبخها 
فقال (ص):
وعليّ جَمْعُ الحَطَبِ. 
فقالوا:
يا رسول الله نكفيك.
فقال:
"قد علمتُ انكم تكفونني ولكنْ أكرهُ أنْ أتَمَيّزَ عليكم، فان الله يكره من عَبْدِه أنْ يراه مُتَمِيّزا"
وقام بجمع الحطب..
هكذا يكون القائد الحاني على أبنائه،
وفي مثل هذه الأجواء الواعدة 
يُربيهم على التعاون والتكافل والتعاضد والتواضع، ويسبقهُمُ الى ذلك بممارساته الميدانية.
وهذا هو سر العظمة.
وأين مِنْ هذا كُلّهِ أولئك السلطويون المتمسكون بامتيازاتهم ومكاسبهم على حساب المستضعفين والفقراء، بل على حساب المواطنين جميعا؟
انّهم في واد، والخلق المحمديّ العظيم في وادٍ آخر.