رهانات الناخب المستعادة

آراء 2021/10/26
...

  علي كريم خضير
 
 بعد هذه المستوى المتدنِّي من المشاركة في الانتخابات يُسجلُ واقعنا الاجتماعي تراجعاً وقصوراً فكرياً في فهم العملية الانتخابية  وفاعليتها في التغيير السياسي الحديث. 
وقد يكون من بين الأسباب الرئيسة هو ما اعتادت عليه ذهنية الناخب العراقي من أفكار مستعادة لصورة الانتخابات، التي كانت تجرى في ظل النظام السابق، وكيف كانت تأتي بالأرقام الكبيرة مع بعضٍ من الكسور العشرية التي تدفع بها عن دائرة الشك والاتهام. 
ويعلم الجميع بأنَّ هذه الأرقام ليست حقيقية، بل هي من فذلكات النظام في تسويق إدعاءاته إلى الجمهور والإعلام، الذي يقف في مقدمة الركب الممجّد والمبارك له بهذه النتيجة المميَّزة. 
وإذا كانت صورية هذه الانتخابات قد تركت ظلالاً خيمت على واقعنا حتى اليوم، فإنَّ {مما زاد الطين بلّةً} كما يقال في المثل العربي أنّ انتخاباتنا في العصر السياسي الجديد قد تزايدت فيها صور الاحتيال على الناخب وأخذت الأفكار غير المشروعة تمرر عليه بفعل جهله بآليات الانتخاب الجديد، ورجوع تصوراته إلى ماكانت عليه الانتخابات في النظام السابق، وأنَّ النتائج محسومة مسبقاً سواءً تم حضورنا أم لا. وهذه السطحية في تلقي بعض الأفكار المسمومة، هي من أوصل العراق إلى ظروف لا يُحسد عليها من التدهور في المجالات كافة. هذا إضافة إلى أن صوت الناخب الذي يتقاسمهُ الميزان الانتخابي لا يميز بين ناخبٍ واعٍ، وآخر لايتحلى بالوعي اللازم مما أربك المشهد السياسي في وصول شخصيات ركيكة فكرياً الى مقاعد البرلمان وبالتالي فان عطاءها إنماز بالقصور طيلة الدورات السابقة، ولم تحظ بحضور سياسي بارز. الأمر الذي جعلهم يتجهون الى توجيه انظار الجمهور الى قضايا خلافية تجعل عملهم بعيداً عن الحيوية والعطاء والفاعلية، وظلت تصوراتهم تحوم حول تسقيط الآخر بطرق مشروعة وغير مشروعة على حدٍّ سواء، وقد منحهم الدستور حصانة قانونية ترفع عنهم المساءلة والترافع أمام الجهات القضائية. ولهذا ظلت سجالاتهم في الحوارات التلفزيونية تزداد شيئاً فشيئاً حتى انقسم الشعب إزاءهم بين مؤيد ومعارض بحسب الأهواء والايديولوجيات التي يتمسكون بها، بعيداً عن الموضوعية والمنهج العلمي الرصين في معالجة الإخفاقات المتراكمة وترحيلها من دورة انتخابية إلى أُخرى حتى غدت عصيةً على الأدواء. 
ومرةً أخرى لاحظنا في الشخصيات المرشحة أسباباً من عزوف المواطن على الإدلاء بصوتهِ بفعل قصورهم عن مواجهة المواطن بشكلٍ مباشر لإغنائهِ بالمنهج السياسي للكتلة، التي ينتمي إليها وطبيعة الحلول التي سيقدمها في حال فوزهِ، ولا يُفسر هذا الإعراض من قبل المواطن إلّا عن عقم ثقافي، وتراجع في الشخصية القيادية للمرشح. 
وإنَّ المواطن من حقّهِ بعدما تعرض إلى التهميش من السياسيين السابقين أنْ يجعل من الإنكفاء سبيلاً لترجمةِ أفكارهِ، ورأيه الواضح بما تنتجهُ العملية السياسية من مخرجات مخيبةٍ للآمال على مدى الدورات السابقة.