حروب رياضية!

الصفحة الاخيرة 2021/10/28
...

حسن العاني 
الانسان ابن بيئته وظروفه، ومهما تحلى بالقوة والقدرة على المواجهة، ومحاولة الصمود والتغيير، الا أن مجمل العوامل البيئية المحيطة به تترك آثارها عليه بهذا القدر او ذاك، واحياناً تكون تلك العوامل من القوة بحيث تطغى على شخصيته، والانسان العراقي، والشعب العراقي بصورة أعم ليس استثناء من هذه القاعدة الانسانية!. 
لقد فتح العراقيون عيونهم منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى عام 1958، وهم لا يرون ولايسمعون الا تظاهرات ومواجهات وهراوات ودماء وقوات شرطة وهتافات (يسقط) و(يعيش)، ولم يكن الامر افضل حالاً ما بين 1958 –  1968 على تباين الحكومات والانظمة، فقد طغت على الشارع مفردات (المؤامرة، والموت، والحبال، والعملاء.. الخ )، غير ان المدة الواقعة بين 1968 –  2003، كانت هي الاغرب والاوسع والاعنف في الهتافات والمفردات والشعارات، فقد تعلم صغار العراقيين في مدارسهم عبارات لا تناسب أعمارهم، بينما امضى كبارهم احلى سنوات عمرهم في نهر جاسم والمحمرة والطيب وكورك ورانيه وكلاو حسن وشط العرب والفاو والكويت والنمساوي والراجمات، ولم يتعرفوا على عذابات الحب اللذيذة او يشدوا الرحال الى بودابست او اسطنبول او طهران او نساء باريس، كانوا سجناء (الحروب وتاج المعارك والقائد الضرورة وموطئ القدم وشهداؤنا وقتلاهم)!.
وظنت الناس انها تنفست الصعداء بعد 2003، وتحررت من سجون القتال والجبهة والتعابير الرنانة و(العنتريات التي ما قتلت ذبابة)، فاذا بها في مواجهة اطنان جديدة من التعابير، تختلف في الالفاظ ولا تختلف في المضمون، انها، أعني الناس، اعني العراقيين فتحوا عيونهم واذانهم هذه المرة على، الاحتلال والسنة والشيعة والقاعدة والكواتم والسلاح المنفلت والعبوات والمفخخات والتهجير ومخاوف الحرب الاهلية والاكثرية والاقلية والمناطق المتنازع عليها والقتل على الهوية.. ومسكين والله هذا الجيل، فقد ورث على مدى قرن كامل اسوأ 
الالفاظ والتعابير، حتى باتت لغته مشوبة بالعنف، الذي انسحب على كل شيء، بما في ذلك الرياضة التي هي أم المحبة والتعارف والصدر الرحب، دعونا نقرأ بعض ما نشرته صفحاتنا الرياضية من عناوين (الصقور تلتهم النوارس/ الكهرباء تصعق الشرطة/ ثلاثية الانيق تسحق بغداد/ شباب الرافدين تفترس السيدة العجوز/ اربعة صواريخ زورائية تدمر الميناء... الخ )، هل هذه عناوين رياضية أم مشاهد من القادسية 
الثالثة؟!.