{التابو} أو التحريم

آراء 2021/11/02
...

  ريسان الخزعلي
 
كثيراً ما ترد كلمة (تابو) كاصطلاح في كتابات وأحاديث المختصين عندما يُشيرون إلى الممنوعات أو المحظورات التي يجب الابتعاد عنها في الحياة الاجتماعية اليومية العامة، سواء كان ذلك على مستوى السلوك أو التعامل أو التصريح العلني أو الكتابة في شأنٍ ما.
و"التابو" كجذر لغوي ما هي إلا مفردة انكَليزية، من معانيها القاموسية: المحظور، المُحرّم، المُفرد جانباً بوصفه مقدّساً أو ملعوناً، التحريم،
 المعزول.
في معجم علم الاجتماع، يُشير هذا الاصطلاح إلى "المحرمات والموانع التي يفرضها المجتمع على السلوك المحظور أو المُحرّم الذي قد يرتكبه الفرد، كون الفرد حينما يقوم بهذا السلوك يُعرّض العلاقات الاجتماعية إلى التفكك والضعف ويجلب للمجتمع المشكلات والتناقضات التي تُهدد كيانه بالسقوط والانهيار 
والفناء.
إنَّ المحرمات ترمز إلى تركيب العلاقات الشاذّة والخارجة عن نطاق الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تقرّها الجماعة، وإنَّ الامتناع عن السلوك المُحرّم يعد من العوامل الأساسية التي تُساعد على قبول الفرد في الجماعة. أما قيام الفرد بارتكاب الأعمال المحرمة فيعرضهُ للعقاب الشديد من قبل جماعته، والعقاب يكون على شكل طرد أو حبس أو نفي أو موت. والغاية من فرض العقاب على الفرد الذي يرتكب السلوك المُحرّم هي ردع الأفراد الآخرين من القيام بالعمل الشاذ نفسه. لذا فالسلوك المُحرّم هو السلوك اللاأخلاقي الذي يترك آثاره السلبية على المجتمع ويُعرّض صاحبه إلى العقاب".
ما تقدّم خلاصة عن الجذر اللغوي للاصطلاح، وكذلك توضيح علماء الاجتماع للمعنى الشامل لهذا الاصطلاح، والسؤال الذي يحتاج الاجابة باستمرار: مَن الذي يضع ويصنّف هذه المحرمات ويفرض الامتناع عن ممارستها: المجتمع، الديانات، السياسة، القوانين الوضعية..؟.
إنَّ الذي يحصل في مجتمعاتنا العربية، ومنذ عقود، أنَّ التابو يُفرض من قبل السلطات الحاكمة، إذ لا يجوز التداول العلني، تصريحاً وكتابةً، في كل ما لهُ علاقة بالسياسة والدين والجنس. ومثل هذا التابو مطلق الأبعاد ومن دون تحديد. أما تابو الدين فهو معروف ومحدد وفق الكتب السماوية حتى وإن تعددت التأويلات، ويبقى التابو الذي يفرضه المجتمع من دون أسس معرفية هو ما يحتاج التوقّف عنده ومعالجته بقوانين وضعية صريحة تأخذ حاجة الانسان الموضوعية وحريته الشخصية التي لاتُعارض حرية الآخرين وبما يضمن خلق حياة اجتماعية مستقرّة.