الاتصال الرقمي في الحملات الانتخابيَّة

آراء 2021/11/02
...

  د.محمد وليد صالح 
المتابع للشأن الانتخابي في العراق سواء أكان بوساطة الاتصال الرقمي أم غيره، يبدو له دعم اتجاه سياسي معين وتقويض آخر، وأصبحت هذه المساعي تستعين بوسائط التواصل الاجتماعي ونشر الرسائل عبرها لإضفاء نوع من المصداقية والمهنية في محتواها المعلوماتي.
في وقت ساد النقاش في المنتدى الأبرز والموقع الرئيس للإعلام وتداول المعلومات لدى الجمهور وهو الإنترنت، بوصفها عملية مطلوبة يمكن من طريقها توجيه إعلانات إلى فئات محددة من المجتمع على وفق تحليلات حاسوبية، فضلاً عن الخوارزميات تعطي الأولوية للمحتوى العاطفي الذي يجري تناقله على نحو مكثّف وواسع النطاق، مقابل الحجج السياسية المنطقية المعتمدة على الحقائق لمواجهة تزايد كم المعلومات والبيانات الذي يزيد الطين بلة. 
إذ يتوقع من وسائل الإعلام حالياً تقديم محتويات صحفية رقمية حسب تفضيل أغلب الجمهور المتلقي، مما يضفي جهداً نوعياً آخر يتعلق بجودة تحرير التقارير الخبرية ومستواها المهني، واستعاضتها عن التحليل الإعلامي السياسي الموثّق جيداً بالمحتوى غير الدقيق المستند إلى اتجاهات الرأي العام، وكذلك إيلاء وسائط التواصل الاجتماعي الأولوية من إثارة العواطف كالخوف والغضب، مما يحدو بالجمهور للاقتراع استناداً إلى المواقف بدلاً عن تقويم كفاية البرامج السياسية، التي تعد مكوناً أساسياً من مكونات المجتمعات السياسية 
للمرشحين. 
فكشف الأخبار الزائفة والمضللة في دليل اليونسكو للمدربين في مجال الصحافة عام 2018، يطرح مشكلات الاستعمال المتزايد لخدمات الرسائل الرقمية للتأثير في الانتخابات خلافاً لوسائط التواصل التي تتيح معظم معلوماتها للجمهور، فضلاً عن صعوبة مراقبة خدمات الرسائل والإبلاغ عنها، وثم تراجع عملية الرصد كأحد مجالات الاتصالات لمعرفة مدى الامتثال لقواعد الانتخابات ومعايير الحقيقة والنزاهة. 
مما يسهم بتحفيز الذكاء الاصطناعي والاستعانة به لإدارة محتوى وسائط التواصل الاجتماعي، وما تبث من مواد دعائية عبر غرف الدردشة الآلية، وهو ما يثير تساؤلات عن تأثير البرامج السياسية الخفية، واستعمال الذكاء الاصطناعي وتبعاته الأخلاقية والتكنولوجية والسياسية والاجتماعية والقانونية وحرية التعبير بوجه عام، والانتخابات بوجه خاص، ولاسيما ان الحق في الانتفاع بالمعلومات أمر مهم لمواكبة التقانات الرقمية في جانبها الإيجابي. 
ويعد مفهوم عالمية الإنترنت ضامناً لمبادئ حقوق الإنسان والانفتاح وانتفاع الجميع والمشاركة متعددة الأطراف، مما يتوجب على وسائل الإعلام والمجتمع المدني وهيئات الإعلام والاتصالات والحكومات بوساطة هذا النهج الشامل مع قابليته للتطبيق، بهدف تحسين عملية اتخاذ القرار في ما يتصل بموضوعات التنظيم والتنظيم الذاتي للمحتوى الإعلامي الانتخابي في العصر الرقمي.