مخاطر موت الديمقراطيَّة

آراء 2021/11/09
...

 سعد العبيدي
 
مر العراق ما بعد إعلان النتائج الأولية لانتخابات عام «2021» الأخيرة بمرحلة خطيرة وأزمات عدم ثقة غير مسبوقة، إذ شكك البعض بالنتيجة ووجه البعض الآخر الاتهامات الى الجهات المعنية بإدارة الانتخابات عمداً حرفها وإحداث
 الخسارة.  ان التشكيك وتوجيه الاتهامات في واقع الحال مسألة نفسية ليست جديدة في مجتمعنا العراقي، حتى أمكن القول إنها باتت الأقرب الى عدها طبعاً من طباعه المتعددة، إذ لم تمر دورة انتخابية منذ العام 2005 والى اليوم لم تثر فيها زوابع تشكيك واضحة المعالم، لكنها ومع هذا زوابع تهدأ في المعتاد بعد الإعلان الرسمي للنتائج، وركوب الجميع قارب التوافق الذي يتقاسم فيه الفائزون النسب حسب المقاعد التي حصلوا عليها، إيذاناً بإبحار المركب شبه هادئاً وسط مياه للبحر تعلوها أمواج 
عاتية. 
لكن الأمر مختلف هذه المرة فقد تطورت الأمور الى التظاهر والاعتصام، ومن ثم الى الاصطدام الذي راح ضحيته شهيد من جانب المتظاهرين واصابات من ذلك الجانب وجانب القوات الأمنية المعنية بالحماية، بل وزادت معايير الاضطراب حدة وخطورة باستهداف منزل رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بطائرة مسيرة بقصد
 الاغتيال. 
إن فعل التهديد، والانتقال به الى التنفيذ مسألة خطيرة، تكمن خطورتها في تهديد الديمقراطية بالموت، خاصة إذا ما استمرت أو تطورت على هذه الوتيرة القائمة، لأنها ستخلق في نهاية المطاف ظروفاً نفسية غير سوية يرى في إطارها الجميع أنهم الفائزون في الانتخاب وإنهم الأحق من غيرهم في تشكيل الحكومة وإدارة البلاد، وبالتالي الانجرار الى الفوضى التي يمكن أن تتسع بالتدريج. 
ومع هذا فإن الأمور لم تصل الى مستوى القطيعة أو اللا رجعة فهناك في الأفق سياسيون لهم تجارب في التعامل مع الأزمات لا بد أن يتحركوا، وهناك توجهات عقلنة لدى بعض الكتل لا بد أن تظهر، وهناك مرجعية دينية حكيمة يمكن أن تتدخل لوأد الفتنة وإنقاذ الديمقراطية من الموت.