قضايا الشباب والتحولات الحضارية المعاصرة

آراء 2021/11/13
...

 د. عبد الواحد مشعل
 
 نظرا لحساسية المرحلة الحضارية التي يمر بها الشباب العربي بشكل عام، والشباب العراقي بشكل خاص، والتي تتراكم فيها مشكلاتهم الثقافية والاقتصادية والسياسية وحالات إقصاء وتهميش، تتصاعد مسؤولية النخبة المثقفة والمعنيين بقضايا المجتمع الحيوية في تبني قضاياهم وجعلها قضية رأي عام، وتقديم الدراسات والأبحاث والدعوات لكي تنصف هذه الفئة، حتى تاخذ أدوارها الخلاقة في التنمية الإنسانية، وجعلها مواكبة ومتفاعلة من التطورات الحضارية الجارية في العالم بطريقة تعمل على تأكيد هويتهم الوطنية وترشيد الوعي الثقافي بنا يساعدهم في القيام بأدوارهم الثقافية والحضارية المطلوبة حتى تتقدم مجتمعاتهم، في زمن يتصاعد فيه زحف ما يمكن تسميته بالتنميط العولمي الذي يسعى الى قولبة الشباب على وفق تصورات هذا التنميط، ما يهدد بانسلاخها من واقعها الاجتماعي والثقافي بحيث لا يمكن لها أن تكون قادرة على لعب دورها التنموية النابع من حضارتها مما يجعل البعض منها يقع تحت تأثير رد الفعل المضاد الذي يجعلها عندئذ فريسة أيدلوجيات متطرفة، الأمر الذي يعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي وانقسامه الى تيارات متناقضة ومتصارعة، وأول الإجراءات هو تبني مشروع نهضوي شبابي يأخذ مبادئه وقيمة من تراثنا الوطني القائم على التعايش المشترك، مع ضرورة وفتح حوار شامل حول قضايا الشباب بما يفتح الباب واسعا لبلورة هوية وطنية أصيلة للشباب، بحيث يساعد على تأسيس هوية وطنية متجددة تكون متفاعلة مع التطورات الثقافية والحضارية الجارية في عالمنا المعاصر.
وينبغي أن لا نغفل تأثير وسائل الاتصال الحديثة بمختلف مستوياتها ووسائلها في بلورة وعي الشباب واكتشاف ذاتهم ما يجعل ضرورة قيام التوجيه المخطط والمبرمج بالتوازي مع حجم التأثير الثقافي الذي تضطلع به تلك الوسائل الاتصالية الحديثة من ادوار فاعلة في عملية الانفتاح الثقافي بما يخدم قضايا المجتمع التنموية والخروج من المأزق الحضاري الذي يعيشه الإنسان المعاصر، وتخليصه من حالة تيهان ثقافي في أتون التحولات التاريخية الجارية تحت تأثير الثورة الاتصالية العالمية وينبغي في هذا السياق فهم قضايا الشباب في خريطة التحولات العالمية وقد آن الأوان كي تكون مواكبة لها بما يؤكد هوية تراثنا الثقافي، قبل أن يختطف الشباب من بين أيدينا، وعندئذ تكون عملية ضبط إيقاعهم الثقافي امراً صعباً 
ومعقداً.