مـهنـــة رقيـبـهـــا الــضمـيــر

آراء 2021/11/16
...

  علي الخفاجي
من المعيب أن يقوم الطبيب بإيقاف المريض لساعات وساعاتٍ في غرفة الانتظار بحجة عدم وجود حجز مسبق، من الخيانة أن يبيع الطبيب مرضاه الى شركات الأدوية والصيدليات التي تمنحه مالا ومؤتمرات علمية وسفراتٍ سياحية على الرغم من وجود هذه الأدوية في السوق وبشكل كبير وبأسعارٍ أنسب.
من المعيب أن يقوم الطبيب بكتابة الوصفة (الراجيتة) برموز وعبارات لا تفهم، ومن اللامهنية أن يقوم الطبيب ببيع مرضاه لمختبرات التحاليل والأشعة بحجة أنها أدق وأكثر إيضاحاً من غيرها من المختبرات وبالحقيقة إنه متعاقد معهم بعمولة خاصة، من المعيب أن لايقوم الطبيب بعلاج مرضاه في المستشفيات الحكومية ويقوم بتحويلهم الى عيادته الخاصة، الضمير هو السلطة الرقابية العليا التي يجب أن يتمتع بها أصحاب هذه المهنة، وغيرهم ممن هم على تواصل مستمر مع الناس، فلا سلطة تحتم على الإنسان العمل بجد ومن دون جشع سوى الضمير، هذه كانت رسالة طبيب الى أقرانه من الأطباء الذين يستخدمون هذه المهنة كوسيلة للتربح على حساب الفقراء. 
 انتشر كثيراً وعلى نطاقٍ واسع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي طبيب مصري عرف بـ {طبيب الغلابة}، ذاع صيته كثيراً لما قدمه من خدمات انسانية بمعالجة الناس بأسعار شبه مجانية وأصبح حديث الساعة حتى وفاته، كثيرون وفي عدة محافظات عراقية من أمثال "طبيب الغلابة" رافضين تسليط الضوء عليهم إما لرفضهم الظهور بالعلن لأنهم وحسب وصف أحدهم بأن عمل الخير يجب أن يكون مخفياً غير معلن وفقاً لمبدأ "حتى لا تعلم شماله ماتنفق يمينه"، واعتبرها بهذا الوصف صدقة جارية، أو لتشجيع الأطباء الآخرين على توسعة هذه 
المبادرة.
بعد إن حظي العراق بإشادة منظمة الصحة العالمية في ثمانينيات القرن الماضي لما قدمته المؤسسة الصحية آنذاك بمستوى خدمات كبيرة، اليوم انعكس الحال وأصبحت المؤسسات الصحية بائسة مما اضطر أغلب المراجعين على هجر المؤسسات الصحية العمومية واللجوء الى العيادات الخاصة التي أصبحت بورصة للربح على حساب 
الناس.

 

رغم المحاولات الخجولة التي سبق وأن قامت بها المؤسسات الصحية بتحديد مبلغ الكشفية، لكنها لم تطبق بالشكل الصحيح، لأنه وحسب تصريح لوزارة الصحة العراقية بأن تحديد هذا المبلغ لايخضع لقانون وزارة الصحة، ومن ثم ليس من صلاحيات الوزارة تحديد هذه الأسعار بل هو من صلاحيات نقابة الأطباء ويحدد في قانون نقابتهم، كلٌّ يريد أن يرمي الكرة في ملعب الآخر من دون حلول حقيقية والمتضرر من هذه التجاذبات هو المواطن البسيط، وعليه ولأهمية الموضوع يجب أن يشرع قانون لتحديد مبالغ الكشوفات كما هو معمول في الدول المتطورة، ومن ثم فإن هذا القانون سيحد كثيراً من جشع البعض من هؤلاء المتربّحين على حساب المواطنين.