علي حسن الفواز
البحث عن ارضية مشتركة للتفاهمات السياسية ليس صعبا، مع ادراك خطورة التحديات التي يواجهها الواقع العراقي، ومع الحاجة الى تعزيز مسار العملية الديمقراطية، والدفاع عنها ومعالجة مشكلاتها بالسياقات القانونية.
إن ما يجري، يؤكد تلك الحاجة، ويدعو الى مزيد من الحوارات، والى تغليب المصالح العليا للمجتمع والدولة، وباتجاه أن يثق الناس بالديمقراطية، وبمؤسسات الدولة ومشاريعها التنموية والتنظيمية، فضلا عن السعي الى تعزيز ثقة "المجتمع الدولي" بالتحول الديمقراطي في العراق، وبدعم خياراته الوطنية، وعدم التدخل في شؤونه، وهو ما سعت اليه المبادرة التي طُرحت خلال الاجتماع الثلاثي لرئاسة الجمهورية والوزراء والقضاء الى وضع الأسس الفاعلة لحوار وطني تتعالى فيه روح المسؤولية، والمشاركة، بعيدا عن اي خيارات قد تهدد السلم الاهلي من جانب، وتفتح ابواب التدخلات الخارجية، وتعطيل استحقاقات البناء الوطني من جانب آخر.
مبادرة الرئاسات الثلاث تؤكد اهمية معالجة الطعون والشكاوى الانتخابية، وفق القانون والدستور، والعمل على حماية المسار الديمقراطي، فضلا عن وضع تلك المبادرة أمام القوى الوطنية لمناقشتها، ولكي تكون مدخلا لتفاهمات تتعزز فيها روح الشراكة، والى وضع الجميع امام الاخطار التي يمكن أن تواجهها اليات استكمال الاستحقاق الدستوري لتشكيل
حكومة وطنية فاعلة.
وهو ما ينبغي أن يكون جوهر العمل، والخيار المسؤول الذي يتحمّل نتائجه الجميع، وفي ظل تحديات كبيرة على المستوى الداخلي والخارجي، إذ تتطلب عمليات التنمية الوطنية وجود بيئات سياسية ومؤسسية آمنة وقوية، وباسناد قانوني يكفل معطياتها وأطر انجازها، والى ارادة في اقرار تلك القوانين التي تخص حياة المواطنين وأمنهم المجتمعي، مثل قانون الموازنة العامة، وقانون المعلوماتية، وقانون النفط والغاز وغيرها، فضلا عما تستدعيه حماية السيادة وهوية الدولة من استحقاقات بناء وطني عميق، يملك ارادته، ودوره في مواجهة التحديات الاقليمية والدولية، لاسيما مع ما تتعرض له المنطقة من ازمات، وصراعات، وكذلك ما يواجهه العالم من مشكلات معقدة تخصّ البيئة والصحة والمياه، فضلا عن ازمات المهاجرين والتي تحولت الى بوابة لصراعات دولية تهدد بنُذر من الصعب السيطرة
عليها.