بغداد : هدى العزاوي
ضجَّت وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية الدولية والمحليَّة بأخبار وتحليلات بشأن تأثير ظهور متحور جديد لفيروس كورونا في هبوط أسعار النفط بسبب مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي وفرض قيود على الحركة والانتقال مجدداً، إلا أنَّ خبراء بمجالي الاقتصاد والنفط في العراق رأوا أنَّ هذا الانخفاض "مؤقت" ولا يرتبط بسلالة كورونا الجديدة بشكل كبير وإنما بأسباب أخرى، داعين الحكومة في الوقت نفسه إلى إجراءات عاجلة لتغيير السياسات الاقتصادية والخروج التدريجي من الاعتماد على النفط كمورد أساسي للموازنات.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد الصفار لـ"الصباح": إنَّ "انخفاض أسعار النفط العالمية قرابة 5 دولارات خلال الـ24 ساعة الماضية ليس السبب الرئيس فيه جائحة كورونا، والوضع الصحي قد يؤثر ولكن ليس إلى هذه الدرجة من الانخفاض".
وبحسب اعتقاد الصفار فإن "السبب الأهم في هذا الانخفاض أنَّ الدول الكبرى المستهلكة اتخذت سياسة لاستخدام الخزين النفطي الموجود في كل من أميركا واليابان والصين وبعض الدول الأوروبية التي صرحت باستخدام الخزين النفطي الموجود لديها، وهذا ما أثر في مستوى العرض النفطي الموجود وأدى إلى انخفاضه".
وأضاف أنَّ "استخدام احتياطي النفط من قبل الدول الكبرى أدى إلى زيادة العرض وانخفاض الطلب، وبالتالي فإن هذا الانخفاض مؤقت ولن يستمر استخدام الاحتياطي من الخزين لدى الدول الكبرى التي توقعت أنيزداد سعر النفط أكثر من 83 دولارا، لذا كان من المتوقع أن تحجم أسعار النفط وتحددها باستخدام الاحتياطي النفطي التابع لها".
وفيما يتعلق بالإجراءات الحكومية لمواجهة أي انخفاض بأسعار النفط وتأثيره في البلاد، رأى الصفار أن "على الحكومة العراقية أن تغير سياستها الاقتصادية، فأكثر من 93 % من الموازنة تعتمد على الإيرادات النفطية، وهذا خطر جداً، وفي ظل جائحة كورونا حدث تذبذب كبير في أسعار النفط، لذا على الحكومة تغيير السياسة المالية وتنويع المصادر الاقتصادية الرئيسة وتفعيل القطاعات الأخرى التجارية والسياحية والصناعية والإيرادات غير النفطية عبر المنافذ الحدودية"، مجدداً تأكيده أنَّ "الانخفاض الحالي مؤقت، وأنه متى ما توقفت تلك الدول عن استخدام الاحتياطي سيعود النفط إلى الارتفاع".
من جانبه، أوضح الخبير النفطي حمزة الجواهري في حديثه لـ"الصباح" أنه "في الحقيقة لا توجد حرب أسعار ولا يوجد صراع، إنما خفضت (أوبك بلاس) الانتاج قبل أكثر من سنة من أجل رفع الأسعار إلى سعر منصف للطرفين للمنتج والمستهلك، والآن وبعد أن قارب سعره 80 دولاراً ولن يتجاوز 90، وبناء على رغبة (أوبك) بأن يكون السعر منصفا عند هذا المستوى سارعت المنظمة النفطية إلى طرح كميات في الأسواق، كما أنَّ الممولين الكبار طرحوا أيضاً من كميات الخزين الستراتيجي من أجل كبح جماح الأسعار ما أدى إلى هذا التراجع في الأسعار". وأضاف أنَّ "المملكة العربية السعودية استجابت إلى النداء الاميركي ورفعت انتاجها بحدود 450 الف برميل يومياً، كما أنَّ برنامج (أوبك بلاس) مستمر بإضافة 400 الف برميل باليوم في كل شهر توزع بين جميع الدول الاعضاء، يضاف إلى ذلك أنَّ التجار الذين يمتلكون 200 مليون برميل كانوا ينتظرون ولمدة طويلة ارتفاع أسعار النفط إلى الحد الأقصى والذين أدركوا أنَّ الحد الاقصى هو سعر 80 دولارا للبرميل الواحد بدؤوا بالبيع وإن كان بشكل قليل، كما أنَّ جائحة كورونا جاءت أيضا ولكنها لا تؤثر بهذا الشكل الكبير، وكما أوضحت سابقا فهذه الامور مدروسة
مسبقا".