حماية الديمقراطيَّة

العراق 2021/11/27
...

علي حسن الفواز
الثقة بالديمقراطيَّة مسؤولية كبيرة، لكن تبقى حمايتها  هي الخيار الاكبر في هذه المسؤولية، أي حماية سياقات عملها ومؤسساتها ونتائجها، وهذا مايعني تعزيز كل التوجهات التي من شأنها أن تدافع عن المسار الديمقراطي، رغم كل التعقيدات والصعوبات التي تواجهه، لاسيما في ظل واقعٍ سياسي يحتاج إلى كثير من التأهيل والتأطير والتحفيز والاثراء.
الحديث عن الديمقراطية لا يعني حديثا عن الانتخابات ومعطياتها فقط، بل يعني كل ما يتعلق بقيمها، لا سيما مايخصّ الحريات وحقوق الانسان، بما فيها حق التظاهر المكفول قانونا، واحسب أنَّ مايحدث اليوم في كوردستان ينبغي أن يكون جزءا من هذا المعطى، وأن تتبنى الجهات الرسمية والمدنية مواقف واضحة وصريحة إزاء مايجري، ومنع التجاوزات التي يتعرض لها المتظاهرون من قبل القوات الامنية، والعمل على ايجاد معالجات حقيقية تضمن حق التظاهر السلمي من جانب، مثلما تضمن معالجة واقعية للمشكلات التي يعاني منها الشباب من جانب آخر، لاسيما مايتعلق بظاهرة الهجرة، والبطالة والمخصصات وغيرها، وهي قضايا اكتسبت ابعادا انسانية وقانونية، وبعضها دخل في سياق المشكلات السياسية الخطيرة، كما يحدث الان على الحدود البولندية البيلاروسية، أو كما حدث على الحدود الفرنسية 
البريطانية.
قوننة الديمقراطية اجراء يستدعي المراجعة دائما، وعلى مستويات متعددة، ابرزها الجانب الحقوقي، لأن جوهر الديمقراطية هو الحريات والحقوق، ونبذ كل الممارسات الاستبدادية التي تخصّ الية الحكم، وادارة ملفات السياسة والاقتصاد والامن والثقافة، وتأمين فضاءات واقعية للمشاركة والنقد.. وهذا ماينبغي العمل على تفعيله، وبالاتجاه الذي يُسهم في تحفيز الوعي، وفي تأمين الأطر الكافلة للمشاركة، وبعيدا عن وسائل القهر والعنف والاكراه، واتباع الاليات القانونية المناسبة، التي تُعزز الثقة بالديمقراطية، مثلما تعزز الثقة بالشعب أيضا، لأن الديمقراطية تعني هنا المساواة والمشاركة والعدالة الاجتماعية، والاختيار الحر، والتداول السلمي للسلطة، لكنها بالمقابل تعني العمل على حماية الديمقراطية، من خلال حماية الشعب ذاته، وحماية المؤسسات والحقوق العامة والخاصة، وعلى وفق اليات عمل تربط بين الحق والمسؤولية، من قبل الجمهور ومن مؤسسات الدولة، لأن اعتماد العنف في فضّ التظاهرات، وفي تمييع حقوق المتظاهرين سيكون سببا في عنفٍ مضاد، وفي تسخين البيئة السياسية والاجتماعية والامنية، وبالتالي تعريض مفهوم الديمقراطية إلى المسخ 
والتجاوز.