عباس رضا الموسوي
اخذت ظاهرة الذبح في محال القصابة وأمام انظار الناس تتسع في مركز محافظة الديوانية، لدرجة حولت هذه الظاهرة السلبية الى حديث الساعة بين المواطنين واثارت قلقهم من مخاطر انتشار الأمراض الناتجة عن جريان الدماء، وكثرة الحشرات وبشاعة المنظر خصوصا لدى الاطفال الذين غالبا ما يتزامن ذبح الحيوانات مع ذهابهم الى المدرسة.
لا توجد مجزرة
اثناء حديثي مع عدد من الجزارين المنتشرين في السوق الكبيرة والاحياء السكنية المحيطة بمركز محافظة الديوانية، للتعرف على الأسباب التي تجعلهم يعمدون الى ذبح ابقارهم واغنامهم بهذه الطريقة المخالفة للشروط الصحية والاعراف الاجتماعية، رموا بالذنب على الجهات الحكومية، لأنها اغلقت مجزرتهم منذ سنتين تقريبا ولم توفر لهم البديل، ويقول القصاب ابو ياسر: إن الحكومة المحلية اغلقت المجزرة الوحيدة التي كنا نستخدمها لذبح الحيوانات، لذا اضطررنا الى الذبح خارج المجزرة، مشيرا الى استمرار هذه الظاهرة في جميع محال القصابة الواقعة ضمن مركز المحافظة ما لم يتوفر البديل.
بينما يقول القصاب ابو شهاب: ربما يكون مركز محافظة الديوانية هو المركز الوحيد في المحافظات العراقية الذي لا توجد فيه مجزرة حكومية، لذا فان الذنب يترتب على المقصرين ولا يترتب على القصابين.
قاطعنا اللحوم
ولأن مثل هذه الظاهرة تخلف آثاراً نفسية لدى الإنسان، خصوصا انه يرى بأم عينيه كيف ان البقرة او النعجة تلفظ انفاسها الاخيرة، وما يرافق لحظة ذبحها من صور بشعة، فان بعض المواطنين ابتعدوا عن شراء اللحوم تدريجيا، اذ يقول المواطن غانم سلطان: لقد شاهدت منظرا مؤلما لذبح احدى الابقار في سوق القصابين جعلني ابتعد تماما عن تناول اللحوم الا ما ندر بما اني من محبي الطبق الذي يحتوي على قطع اللحم، موضحا ان المنطقة الواقعة امام سوق القصابين باتت حافلة بالظواهر السلبية التي يفترض ألا تحصل بهذا الكم وامام اعين المتبضعين من رجال ونساء وأطفال.
مضيفا: لقد غرق هذا المكان الواقع في قلب السوق بالدماء والوحل ويعج بروائح كريهة تجعلك تسرع بالمشي وانت طابقا على انفاسك نادما على مرورك من هذا المكان المزدحم.
مطعم ومسلخ وقصابة
ورغم الرقابة المتواصلة، فان البعض من ضعفاء النفوس يسعون بقوة الى تحقيق الكسب المادي بشكله المشروع او غير المشروع، ومن امثلة ذلك قيام البعض منهم بتحويل محله الى مسلخ قبيل الفجر، وقصابة اثناء النهار، ومطعم في الليل، ويقول المواطن علي الشرموطي: ان البعض من القصابين ممن يتوفر امام محله رصيف جيد اخذ بذبح الحيوانات داخل محله في الفجر، ويستغله كقصابة في النهار ويحوله الى مطعم في الليل، مضيفا: المشكلة بالنسبة للمواطن في الديوانية اخذت تتفاقم بسبب غياب المجزرة، فلو وجدت مجزرة حكومية لما وجد هؤلاء ذريعة لافعالهم المخالفة للقيم والأعراف، واعتقد ان الحكومة المحلية ملزمة بانشاء مجزرة وبشكل عاجل قبل استفحال الازمة التي اخذت ابعادها الصحية والحضارية والنفسية تتجلى بشكل واضح في المجتمع.
مقاضاة عشرات القصابين
ولأن الدور الرقابي له مكانته بتحسين اداء العمل، وضمان الالتزام بالشروط الصحية والقانونية والاقتصادية، فان لجنة متابعة الذبح العشوائي في مركز محافظة الديوانية تتخذ الاجراءات اللازمة بحق المخالفين من الجزارين، اذ يقول عضو اللجنة الدكتور مخلص جلاوي الشباني: ان اللجنة احالت خلال يوم واحد اكثر من 70 قصابا مخالفا الى القضاء، لارتكابهم مخالفات متنوعة تتعلق بالشروط الصحية، مشيرا الى استمرار اعمال اللجنة التي انيطت بها مسؤولية إحياء مركز المحافظة باستثناء السوق الكبير.
مضيفا: ان المخالفات الصحية التي يرتكبها القصابون مهما كانت هي مشكلة تعرض حياة المواطنين الى الخطر وربما الى الموت، لذا فان اللجنة التي اعمل ضمن طاقمها لا تتهاون مع مرتكبي المخالفات لغرض ضمان الامن الغذائي بشكله الأفضل.
الحل الأمثل
وعن الحل الامثل للقضاء على ظاهرة الذبح العشوائي التي باتت شائعة في مركز محافظة الديوانية يقول الدكتور مخلص جلاوي الشباني: ان الحل الوحيد لهذه الظاهرة أن يتم انشاء مجزرة عصرية ضمن المواصفات الحديثة وباسرع وقت ممكن، وأن تقوم الحكومة المحلية بانشاء مجزرة (كرفانية) حاليا يتم من خلالها تنفيذ الذبح النظامي لحين الانتهاء من إنشاء المجزرة العصرية التي نطالب بها، مضيفا: ان الخطوات باتجاه العمل في المجزرة (الكرفانية) المؤقتة والمجزرة العصرية يجب أن تكون وفقا للشروط البيئية، اذ لن يكون هناك مكان لجزر الحيوانات بدون موافقة بيئية، مشيرا الى خطورة ابقاء الوضع على ما هو عليه، لان ظاهرة الذبح العشوائي تحمل بين طياتها اخطارا كبيرة تهدد حياة المواطنين، وتعرضهم الى مختلف انواع الأمراض، فضلا عن كونها من الظواهر السلبية التي تؤثر في جمالية المكان وتحضر المجتمع.