البنتاغون يضع مزيداً من جنوده في تايوان

آراء 2021/12/05
...

 جاك ديتش
 ترجمة وإعداد: أنيس الصفار 
تكشف بيانات جديدة لوزارة الدفاع الأميركية أن إدارة بايدن، قد أضافت خلال الأشهر القليلة الماضية مزيداً من جنودها الى أولئك المتواجدين في تايوان بما يرفع العدد الى ما يقارب 40 جندياً على الجزيرة لحماية ما يقوم مقام سفارتها هناك وتدريب الجنود 
التايوانيين. 
هذا التواجد الأميركي الصغير المستمر بالتنامي {إذ بلغ حجمه الآن ضعفي ما كان عليه في العام الماضي}، قد يكون تعبيراً عن القلق المتزايد الذي يعتري البيت الأبيض والبنتاغون حول مصير الجزيرة المهددة. 
 
تصاعد الموقف بين الصين وتايوان
رغم أن معظم المسؤولين العسكريين لا يعتقدون أن الصين قد اتخذت قراراً بالغزو، حتى الآن فإن سخونة الموقف آخذة بالتصاعد مع استمرار بكين في حشد صواريخها وقواتها البرمائية، لا سيما عقب الجلسة الافتراضية الكبرى للحزب هذا الشهر في تكريم الرئيس الصيني «شيجنبنغ»، كما ازداد المسؤولون الصينيون مجاهرة بشأن استعادة من يصفونها بالإقليم العاصي.
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في الاسبوع الماضي: «إن بلوغ التوحيد الكامل للصين هو أمل جميع ابناء وبنات الأمة الصينية، وسوف نناضل من أجل هذا التوحيد سلمياً بمنتهى التفاني والدأب.
ولكن إذا ما حاولت قوى الانفصال الداعية لاستقلال تايوان استفزازنا او لي ذراعنا، او حتى انتهكت الخط الاحمر، فإننا سنكون مرغمين على اتخاذ اجراءات حازمة».
يكشف مركز بيانات قوى الدفاع البشرية، وهي دائرة تابعة للبنتاغون، ان الولايات المتحدة لديها الان 39 جندياً في تايوان مؤلفون من 29 عنصر مارينز وخمسة طيارين وثلاثة بحارة وجنديين وهذه قفزة عما كان عليه الأمر في حزيران عندما رصدت الدائرة نفسها وجود 30 جنديا و15 مدنيا يؤدون الخدمة على الجزيرة من بينهم 23 عنصراً المارينز فقط.
يأتي هذا التعزيز المستمر للقوات متزامناً مع التأزم المتصاعد بشأن تايوان في الاسابيع الأخيرة.
فقد وصف الرئيس «جو بايدن» تايوان مؤخراً بـ»المستقلة» وهو خروج غير مدروس عن سياسة «الصين الواحدة» التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ 1979 والتي لا تعترف واشنطن بموجبها، إلا ببكين دون سواها، رغم احتفاظها بعلاقات دبلوماسية غير رسمية مع تايوان.
بعد ذلك تراجع بايدن وآخرون من كبار مسؤولي ادارته عن ذلك التصريح مؤكدين أن سياسة أميركا لم تتغير.
 
على الولايات المتحدة انتهاج سياسة أكثر وضوحاً
يأمل بعض الخبراء أن تتخذ ادارة بايدن موقفاً أكثر صلابة في الافصاح عن مساندتها لتايوان، بما في ذلك قيام مسؤولين مدنيين وعسكريين أميركيين عالي المستوى بزيارات الى هناك في أعقاب قيام الصين في أواخر أيلول ومطلع تشرين الأول بتمارين تخطت كل القياسات الماضية في منطقة الدفاع الجوي المعلنة للجزيرة.
يقول «إيان إيستون» المدير الأقدم لمعهد «المشروع 2049»، وهي مؤسسة فكرية ينصب نشاطها على الصين: «لا يبدو لي أن حكومة الولايات المتحدة جادة في الدفاع عن تايوان، إذ لا يزال فينا الكثير من تلك العادات السيئة، التي اعترت العلاقات الأميركية التايوانية، حيث تتصرف الولايات المتحدة وكأنها خجلة من تواجدها هناك او كأننا نرتكب فاحشة بالدفاع عن نظام ديمقراطي ولا نريد ازعاج بكين».
الأرقام الأخيرة عن حجم القوة الأميركية في تايوان تمثل قفزة عما كانت عليه في أواخر عهد أوباما وبداية عهد ترامب، حين لم يكن العدد يتعدى 10 عناصر، كما يبدو أن دور القوة آخذ بالتوسع هو الآخر.
فعلى مدى عقود كان الدور التقليدي هو تدريب الجيش التايواني على استخدام انظمة السلاح الأميركية التي تباع لتايوان بموجب قانون العلاقات مع تايوان، بيد أن القوات الأميركية بدأت خلال السنتين الأخيرتين بتولي دور أكثر فعالية وذلك بتدريب التايوانيين على التأهب لصد هجوم صيني برمائي محتمل عليهم وتدريبهم على الاستمرار في المقاومة المسلحة على البر، إذا ما حاول الجيش الصيني شن حملة لمكافحة اعمال التمرد.
 
الخوف من التورط
يشعر البعض بالقلق من أن يؤدي تنامي القوة الأميركية في تايوان الى جر البنتاغون بلا داعٍ الى منزلق التعهد بالدفاع عنها فيؤدي ذلك الى توسيع حجم القوة العسكرية الأميركية والتراجع عن رغبة ادارة بايدن الظاهرة في تحرير القوات الأميركية وإخراجها من شباك الصراعات الخارجية.
بيد أن بكين على ما يبدو كانت أسرع تحركاً.
ففي تقريرها السنوي الذي نشر يوم الاربعاء الماضي قالت «لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين» المعينة من قبل الكونغرس أن الصين قد صعدت في العام الماضي من ضغوطها العسكرية في مناطق بحري الصين الشرقي والجنوبي ومضيق تايوان.
على ضوء ذلك دعت المفوضية الكونغرس للتقدم بخطى جدية في العلاقة بين الولايات المتحدة وتايوان، ومن بين ذلك منح الجزيرة مساعدات عسكرية أميركية على مدى عدة سنوات والأولوية للمنطقة في استلام أنظمة السلاح واعطاء التخويل بنشر صواريخ كروز البالستية والصواريخ المضادة للسفن، وتخصيص الأموال لإقامة دفاعات صاروخية أفضل وتقوية القواعد الأميركية لصد اي اجتياح صيني محتمل.
 
سياسة «الغموض الستراتيجي»
بعض الجمهوريين وخبراء الدفاع يعبرون عن شكهم بحكمة سياسة الولايات المتحدة في ما يخص الدفاع عن تايوان، التي يطلق عليها «الغموض الستراتيجي»، وهي سياسة تمسكت بها واشنطن طويلاً وتتمثل بتعمد الضبابية حول ما اذا كانت ستدافع عن تايوان في حالة تعرضها لغزو صيني.
يقول إيستون إنه لا يستطيع تذكر حالة واحدة على مدى 70 عاماً أفلحت فيها الولايات المتحدة في ردع قوة مثل الصين من خلال فعل ما تفعله الآن في تايوان. 
فسياسة الغموض الستراتيجي لم تنجح في ردع كوريا الشمالية من غزو كوريا الجنوبية في 1950، ولا في ردع فييتنام الشمالية من غزو فييتنام الجنوبية، ولا في ردع صدام حسين من غزو الكويت في 1990.
هذه جميعاً كانت حالات طبقت فيها سياسة الغموض الستراتيجي وآلت الى الفشل، على حد تعبير إيستون.
يمضي إيستون مختتماً: «كلما ازدادت الخطوات التي تتخذها هذه الإدارة، أو اية إدارة أخرى في المستقبل، وضوحاً كان أفضل وأجدى». 
 
عن مجلة «فورن بولسي»