أرجوحة القوانين

آراء 2021/12/13
...

 علي الخفاجي
وضع القانون ومنذ نشأته لأسباب عدة منها لتوفير العدالة، ولفرض الأمن والنظام، والعمل على تقدم المجتمع لأن مقياس المجتمعات المتحضرة بقوة قوانينها، فالعلاقة بين القوة والتقدم علاقة طردية حيثما وجدت القوة بمعناها العام وجد التطور بمختلف أشكاله، هذا المقال قد يجرنا الى منطقة التحدث عن القانون وأهميته، ومتى يطبق وعلى من يطبق وأين يطبق، لكن من الممكن التحدث عن عمومية القوانين بشيء من الخصوصية لما لهذا الموضوع من أهمية .
 
لابأس أن نستعرض بشكلٍ وجيز مجموعة من القوانين التي مازالت نافذة على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على صدورها والى الآن تستخدم وتطبق وكأنها وليدة اليوم، لأنها حين تشريعها أستخدم واضعيها من المشرعين ماهو مهم، وما هو أكثر أهمية، وما هو محتمل الحدوث في المستقبل، فقانون الأحوال الشخصية الذي صدر عام 1959 على الرغم من كثرة الاعتراضات التي رافقت هذا القانون على بعض مواده وفقراته لكنه صنف من أرقى القوانين في المنطقة لما لهُ من ضمانات ودعامات قوية تجعله في مصاف القوانين الضامنة للحقوق على مستوى العالم، وكذا الحال بالنسبة للقانون المدني العراقي الصادر عام 1951 والذي يعتبر من أهم القوانين التي حددت ما للفرد وماعليه وفق مبدأ «لا اجتهاد في مورد النص»، ووفقاً لهذه العبارة حدد هذا القانون إن الفرد سواء باختياره او بالإجبار عليه أن يحترم القانون، وان يطبق ما يمليه عليه دون إجتهاد ومزاجية، فله حقوق واجبة وعليه واجبات حتمية.
 التغيير بمفهومه العام من سمات الطبيعة البشرية فكيف إذا كان هذا التغيير يهدف للارتقاء بواقع المجتمع قاصداً سموه والإعلاء من شأنه، ولا ضير في ذلك إذا كانت هذه التغييرات تصب في منبع المصلحة العامة لأن القانون وضع لحدثٍ ما، لمصلحةٍ ما، لشيء ما، فبتغير هذه الأحداث وتلك المصالح وهذه الاشياء لابد للقانون أن يتغير وفقاً للمصلحة العامة.
ما نشهده اليوم وفي ظل التخبطات والمشكلات المتاخمة لواقعنا وبين الحين الآخر تتجدد المطالبات بتغيير أو تعديل قانون الانتخابات الذي لم يمضِ على إصداره سوى عامين، وفي ذلك الوقت تمت المصادقة عليه بالأكثرية وبتوافق أغلب الكتل السياسية، من دون إعتراض على أغلب فقراته، اليوم ولعدم إنصافه بعض الأطراف المتضررة منه، طالبت بعض الكتل والأحزاب بتغيير القانون ليكون أكثر إنصافاً على حد قولهم، يستشف من هذا أحد أمرين لا ثالث لهما هو؛ اما استعجال الأحزاب والكتل السياسية لإصدار هذا القانون نتيجة الضغط الشعبي حينها أبان تظاهرات تشرين 2019 لإرضاء الشارع ولامتصاص غضبه، أو الخلل بالمشرعين الذين لايفقهون بالتشريعات وأسـسها وليسوا أصحاب خبرة ولا علم لديهم ولا دراية، ما جعل هذا القانون يحمل بين طياته مواد متأرجحة تتحمل التفسيرات والتأويلات الكثيرة.