بين التوافقات والأغلبية

آراء 2021/12/18
...

 حسين علي الحمداني
 
منذ اعلان نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة التي جرت قبل شهرين من الآن يتداول الكثير من المحللين السياسيين مصطلح حكومة الأغلبية، وهو ما يطمح له المواطن العراقي ليس الآن بل منذ دورات سابقة لكن هذا الطموح يصطدم بأرقام المقاعد التي حصلت عليها كل كتلة سياسية، والتي تجعلنا ندرك أن هذا النوع من الحكم يحتاج إلى مقاعد ليست بالقليلة أكثر من حاجته لأمنيات تقال وتطرح عبر الفضائيات أو مقالات الرأي.
الأغلبية لم تكن حاضرة في انتخابات 2021 وإن حصلت الكتلة الصدرية على 73 مقعدا لكنها تبقى بحاجة لأن تتحالف مع كتلتين أو أكثر من أجل الوصول لهذه الأغلبية من جهة، ومن جهة ثانية إن العراق بحكم تركيبة السكان هو دولة مكونات، سواء عرقية أو دينية أو حتى مذهبية وبالتالي عملية تشكيل الحكومة بحد ذاتها أحيانا كثيرة تتجاوز نتائج الانتخابات ومخرجاتها بسبب التوافقات، التي اعتادت عليها في الدورات السابقة والتي يصعب على الكتل السياسية الخروج من هذا الإطار لفضاء 
آخر.
مضافا لذلك كله إن عملية تشكيل الحكومة تبدأ باختيار رئيس البرلمان ونائبيه في الجلسة الأولى والتي تحتاج لثلثي المقاعد وهو الأمر يحتاج كما أشرنا لتوافقات كبيرة جدا تنعكس على منصب رئيس الجمهورية فيما بعد والكابينة الوزراية، وصولا لوكلاء الوزرات والمدراء العامين.
وهذا يقودنا للقول إن مخرجات نتائج الانتخابات لم تكن في الدورات السابقة معيارا لتشكيل الحكومة بل بالعكس وجد المتابع أن تشكيل الحكومة وتسمية رئيس الوزراء يخضع لمعايير بعيدة جدا عن البرامج الانتخابية المعلنة، وبالتالي يتم التوافق على مرشح لم يكن من المشتركين بالانتخابات أساسا وأحيانا كثير ة يكون من خارج الكتلة الأكبر، كما حصل في دورات عديدة ولعله سيحصل في هذه الدورة أيضا وهذا سببه معادلة المحاصصة القائمة على النقاط لكل منصب، وبالتالي نجد أن الكتل السياسية تأتي بمرشح توافقي لرئاسة مجلس الوزراء من أجل ألا تخسر نقاطا لهذا المنصب وتعويضه بعدد من الوزارات التي تكون أكثر أهمية لدى البعض من الأحزاب.
نحن نحتاج لرئيس وزراء قوي مدعوم داخل البرلمان تقف وراءه كتلة كبيرة ومحسوب عليها وتتحمل مسؤولية اختياره ودعمه من أجل تحقيق البرنامج الانتخابي