الترميم الفكري

آراء 2021/12/18
...

 غيث الدباغ
 
إن لمعارض الكتاب التي تقام في محافظات العراق اثراً كبيراً في التنمية الثقافية المجتمعية للبلد، كونها تلعب دوراً مهماً في صقل وتطوير ثقافة وفكر المجتمع وصون قيمة القراءة وروحيتها، خاصة خلال الاحداث والأزمات التي تمر بها البلاد بشكل عام وتدهور العلاقات الدبلوماسية للحكومات السابقة مع الدول الاقليمية، ويمكننا القول إن الملتقيات الثقافية المفعمة بالمعرفة تمثل افضل الملتقيات، لأننا نلتمس فيها مشاركة جميع الدول بتآزر على طاولة الثقافة.
حيث صار القُراء ينتظرون حصولها بشغف كونهم سيلتقون بالكثير من المفكرين والمثقفين المبدعين في حياتهم الواقعية، فيتمكنون من خلال هذه المعارض طرح تساؤلاتهم ومحاوراتهم ضمن الرؤية الواقعية وليست الخيالية فقط.
فالبطل الآن واقفاً أمامك وكذلك على نطاق المراكز والمؤسسات الثقافية والفكرية والأدبية المتكللة بدور الطبع والنشر فسيكون تجمعهم لأيام رغم انها قليلة لكنها حثيثة بالغة الاهمية، فمن خلالها تتبادل الخبرات والتجارب في عملية الطبع وتوفر العديد من الكتب الحديثة مما يجعل الافكار متجددة ومتبادلة بين المجتمعات فيتحول افراد المجتمع المنغلقين على نفسهم الى افراد يدركون ما يحصل حول العالم ومطلعين على مستجدات الثقافة وتطور الانسان.
فغدت الجماهير ترى معارض الكتب في مجملها منبراً مفتوحاً على كل الثقافات تُظهر فيها الإبداعات الأدبية بكل مجالاتها الشعرية والروائية والنقدية والفكرية والسياسية والعلمية عارضة نتاجات النخب الصانعة للأجيال الممهدة لمستقبل مشرق.
ولا شك أن التطور التكنولوجي وتوفر الكتاب الالكتروني يلعب دوراً مهماً ايضاً فهو ذات تكلفة اقل واغلبها تتوفر مجاناً كما انها سهلت عملية تواصل وتقارب المؤلفين مع القراء والمشاركة في المنتديات والمحاضرات والبرامج الثقافية ضمن المواقع الافتراضية والواقعية، التي بدأت تعيد نشاطها بعد السيطرة على جائحة كورونا والطرق الصحية للوقاية منه، ولكن يبقى الكتاب الورقي يختلفاً تماماً عن الالكتروني في الفهم والتركيز، لأنه سريع في القراءة ولايمكنك الشعور بما يدور في نفس المؤلف. 
حيث إنّ القراءة الالكترونية تكون فاقدة لروحية الموضوع، رغم انها ساعدت الكثير في ايام الحظر الوبائي وجعلت البعيد قريب وسهلت عملية الحصور على الكتاب عبر توفر وسائل الشحن ونقل البضائع بين المحافظات، فلا يسعنا نكران أن الكثير من المكتبات قد عملت على تخفيض الاسعار لتكون مناسبة مع الوضع المادي الذي تراجع في تلك 
الايام.
لذا فان هذه الملتقيات الفكرية تمثل نشاطاً او برنامجاً ثرياً من ناحية المساهمة في بناء وتطوير المجتمع وبث الروح والرؤية الوطنية وتفاعل النغم الفكري بين القراء والمؤلفين والناشرين.
ومن ناحية اقتصادية فهي تصغر المساحة الجغرافية وبعد دور النشر عن القراء وكذلك تعد مورداً مربحاً لو صارت بشكل فصلي من كل عام.