لا أحد يتآمر علينا

العراق 2021/12/19
...

أحمد عبد الحسين
منذ كم كان العراق مصدر قلق للمنطقة؟ مع صعود الديكتاتور سنة 1979 أصبح العراق ثكنة تهدّد كلّ ما يحيط بها. حرب عبثية استمرت ثماني سنوات بلا طائل ولا هدف، ثم حرب كارثية احتلّ بها الكويت التي سرعان ما تركها بحرب جعلت العراق حطاماً.
لاحقاً سيكون العراق أضعف من أن يهدّد جيرانه، لكن القلق لا ينتهي، ففيه من الانقسام والتمايز الأثني، ما يخلق قلقاً من نوع آخر مؤداه أنّ السلعة الوحيدة التي بات يصدّرها العراق تتمثل في نموذج التغالب الطائفيّ.
وهكذا كان العراق الاسم الآخر لمعضلات المنطقة كلّها.
ولذا يأتي الكلام الرميم الذي تلوكه الألسنُ عن "مؤامرات" تُراد بالعراق، خبط عشواء، غايته تنزيه ذواتنا عن أن تجرح وحماية نرجسيتنا الوطنية من أن تُخدش.
لا أحد يتآمر علينا. نحن تآمرنا على أنفسنا بما يكفي لإخافة الآخرين منّا. وإذ نلحظ اليوم بوادر أجواء مطمئنة تحيط باسم العراق إقليمياً فهو مما يجب الاحتفاء به بوصفه استحقاقاً تاريخياً أضاعه الديكتاتور ولم يفهمه من أتى بعده إلا متأخراً وبعد طول عناء.
لن يصبح العراق مقلقاً لأحد حين يكون ملتقى لحوار الأطراف المتضادّة في المنطقة، ولن يكون مخيفاً إذا كان حيزاً يلتقي عنده الخائفون، وحينها فقط لن نكون مضطرين لتكرار هواماتنا وأوهامنا عن "مؤامرات" كونية تحاك لنا ونسقط في فخها دائماً بسهولة.
لا أحد يتآمر علينا إنْ لم نتآمر نحن على أنفسنا.