بغداد: هدى العزاوي
عانت المدن العراقية منذ سقوط النظام المباد في 2003 ولغاية الآن من انتشار العشوائيات السكنية المعروفة بـ"الحواسم" في عدة مناطق، ونالت العاصمة بغداد حصة الأسد من تلك الكارثة الإنسانية، والأخطر والأكثر تعقيداً في انتشار هذه الظاهرة هو تجاوز الآلاف من المواطنين على أملاك وعقارات الدوائر الرسمية، وحكاية اليوم هي صرخة ونداء استغاثة من الجامعة المستنصرية التي استباح المتجاوزون ممتلكاتها ومجمعاتها المعدّة لإسكان موظفيها وطلبتها ومدرسيها في "سبع أبكار" و"الطالبية".
وفق المعلومات الأولية، فإنه جرى التجاوز منذ سنوات على السكن الجامعي التابع للجامعة المستنصرية في "سبع أبكار" واستغلال ثغرة قانونية حالت دون إنجازه، وكذلك مجمع "الطالبية" الذي تشغل مساحة التجاوز فيه 26 دونماً،وعجزت قيادة عمليات بغداد والفرقة 11 عام 2015 عن إخراج المتجاوزين. توجهت "الصباح" لرئيس الجامعة المستنصرية الدكتور حميد فاضل التميمي للتأكد من صحة الدعاوى القضائية التي أقامتها الجامعة، والتي رُدت لصالح "المتجاوزين"، وهو ما أكده التميمي وبين أن "المساحة المتجاوز عليها والتابعة ملكيتها الى الجامعة المستنصرية (26 دونماً)،ويسكنها أكثر من (ألف شخص)، وكان هناك تحرك قوي على هذا الملف عام 2015 من قبل الحكومة، إلا أنها توقفت لأسباب غير معلنة".وأوضح أن "هذه الوحدات السكنية مخصصة وفق خطة الجامعة للأساتذة وغير المتزوجين والموظفين"، مبيناً أن "الأماكن المتجاوز عليها ليست أرضا صرفا، بل هي هياكل قيد الإنجاز وكانت محالة الى شركات لتنفيذها، فتم الاستيلاء عليها بعد عام 2003".وأشار إلى أن "ما تملكه الجامعة المستنصرية وجرى التجاوز عليه عبارة عن 26 دونما بمجمع الطالبية، وتقع وسط هذا التجاوز بنايات الأقسام الداخلية التي قامت الدولة بإجراءات سريعة لإنجازها واستكمالها من قبل شركة (الفاروق) حينذاك، ولولا الإنهاء السريع لهذه البنايات لتمت السيطرة عليها أيضاً"، مبيناً "وجود مشكلات كبيرة وخطيرة بين المتجاوزين وطلبة الأقسام الداخلية".وأكد التميمي أن "موضوع التجاوز على ممتلكات الدولة ظاهرة عامة، لم تكن لها حلول جذرية لمعالجتها بالشكل الصحيح"، مبيناً أن "موضوعي المجمعين السكنيين مختلفان، وكلاهما يعانيان من إخفاقات لم نجد لها حلا، ففي مجمع (سبع أبكار) وحدات سكنية موجودة ومخصصة بموافقات رسمية للأساتذة، وهذه قضية تنظيمية بأن هناك من خصصت له الوحدة وهناك من تجاوز عليها من دون تخصيص، ورفض المغادرة حتى بعد إحالته الى التقاعد".وأشار إلى أن "الجامعة حين أقامت دعاوى بشأن مجمع (سبع أبكار) ردت لصالح (المتجاوزين)، وهذا أمر خطير تحت مظلة أن ملكية الأرض تعود الى وزارة التربية لكونها مخصصة الى (معهد المعلمين المركزي) قبل أن يتحول الى (كلية التربية الأساسية)، ولم يحسم هذا الموضوع على الرغم من مطالبة رئيس الوزراء بتشكيل لجنة من وزارتي التربية والتعليم العالي لتحويل ملكيتها الى (التعليم العالي)، ولو تم هذا الإجراء لما حدث التجاوز، واستغل البعض هذه الثغرة تحت ذريعة عدم ملكيتنا للمجمع"، موضحاً أنه "لا تربط بيننا وبين المتجاوزين أي صلة وظيفية أو قانونية يمكن أن نخرجهم من خلالها".وبين أن "الموضوع أكبر من ذلك، فقد ورد في قانون الموازنة عام 2019 أن (المتجاوز أو من ينقل الى ملاك وزارة أخرى يمنح براءة ذمة بحكم قضائي)، وحاولنا عدم إعطاء براءة ذمة على اعتبار أن لديهم سكنا تابعاللدولة، حتى صدر حكم قضائي بعدم أحقية الجامعة في منح الموظف المتجاوز براءة ذمة".
وأضاف، "أما فيما يتعلق بـ(مجمع الطالبية) فسند الملكية للجامعة المستنصرية، ولا توجد ثغرة قانونية فيه، ولكن المستغل من هذه الملكية نحو 26 دونماً تم بيعها من قبل (متجاوزين متنفذين) بمبالغ باهظة، والجامعة المستنصرية لا تملك القوة ولا الإمكانية لإخراجهم".وناشد رئيس الجامعة المستنصرية عبر "الصباح" الجهات العليا لإعادة الأراضي العائدة للجامعة واستكمال بنائها بطريقة تليق بالأساتذة، لا سيماأن أغلبهم يعانون من أزمة سكن وهم أحق بما يملكونه من هذه الأراضي المخصصة لهم.