أخي زهير!

آراء 2021/12/20
...

 سعد تركي
بين رابع عام 1987 وسادس 2003، عمرٌ تقصف بسراب أمنية وحيدة، أن تؤوب حيّاً مع العائدين إلى بيوتهم.. أن تكون أسيراً توصل المحتربون إلى تسوية تعيدك شيخاً، برغم أنهم أخذوك إلى الطفل أقرب من شاب ببندقية.. وإذ لم تعد، صيّرتك سجلاتهم الرسمية ميتاً بلا قبر!
أخي زهير.. مات أبوك بعد عجزِه عن “رؤية” عطرِك، وتكالبت أمراض الدنيا على أمِّك المرتعشة أمام كلِّ حركةٍ للباب.. أمّك أصرّت ألا نُغادر بيتاً خرجتَ من بابه مرّةً أخيرة، خشية أن تتوه في طريق عودةٍ ما زالت تظنّها ممكنة.. أمّك مع كلِّ غروبٍ تنوح: هب الهوى وافتكت الباب، تره حسبالي جية أحباب.. ودائماً، أبداً تتجاهل 
التتمّة!
بين زمنٍ ساقك حاكمُ البلد حطباً لنزواته، وآخر بخُل قادته بالبحث عن أبناء الوطن الضائعين.
ضنّت السجلات الرسمية على تكريمك، وتبرَّعت بك كما حرصت زعامات البلد على إهدار ثروته ودماء أبنائه 
للآخرين. 
في كلِّ الأزمنةِ، يصرّ الزعماء على أنّهم آباؤنا.. لنا في كلِّ حقبة 
أبٌ أباح لنفسه كتابة تاريخنا وتقرير حاضرنا ورسم مستقبلنا.. كنّا تارةً حراساً للبوابة الشرقية، وأخرى
تطوَّعنا لمقاتلة الإرهاب {نيابة عن العالم}.. مع كلِّ حقبة يتوه الأبناء وتفقدهم الأمهات، ولا آباء يبحثون عنهم.. 
آباؤنا افتراضيون دوماً تنحصر مهامهم بسلب حياتنا
والسير بنا والوطن إلى 
الخراب!
أفترض أن أحد الآباء سيأخذنا، يوماً، إلى مقاتلة الوحوش الفضائية الآتية من المجرّات البعيدة، نيابة عن
 الكون!
يُربكنا ـ
أخي زهير ـ
غروب الشمس يومياً.. فلا نعرف إنْ كان علينا أن نصلّيَ صلاة الوحشة أم الغائب.. يُربكنا أننا لا نجدك بين الأحياء فنضمّك إلى صدورٍ أوهنها الشوق، ولا بين الأموات فنرشّ على قبرك الماء وعطر الورد.. بين هذا وذاك تصرّ أمّك على بقاء الباب مشرعاً على أمل 
مستحيل!.