بغداد: عمر عبد اللطيف
شكّل ملف "أطفال داعش" المولودين لآباء أجانب أو أمهات أجنبيات، ابان احتلال عصابات داعش الإرهابية لبعض المناطق العراقية، مأزقاً خطيراً يتداخل فيه الجانب الإنساني بالهاجس الأمني من مخاوف الدوافع الانتقامية لدى هؤلاء الذين ترعرعوا في أحضان الإرهاب، وبرغم الضغط الدبلوماسي الكبير الذي مارسه العراق على الدول التي ينتمي لها هؤلاء الأطفال، لإعادة المئات منهم لتلك البلدان، إلا أن الملف لم يحسم بعد بوجود العشرات منهم داخل البلاد بعد أن رفضت بلدانهم تسلمهم.
وكشف مدير عام دائرة إصلاح الأحداث في وزارة العدل أمين هاشم في حديث خاص لـ"الصباح" عن وجود ما يقارب 140 من "أطفال داعش" مودعين لديهم، وقال: إن "الدائرة تستقبل الأحداث من عمر 9 إلى 18 سنة، وقد تستمر لغاية 22 سنة"، مشيراً الى أن "لدينا أطفالا مصاحبين لأمهاتهم، وهم ضحايا، وبقاؤهم كان لأغراض إنسانية".
وأضاف أن "لدى الدائرة الآن بين 100 إلى 140 طفلا فقط، بعد أن كان عددهم يتجاوز 1500، إلا أنهم سلموا الى دولهم"، مؤكداً أن "بقاء هذا العدد في العراق بسبب مشكلات لدى البلدان التي يعود اليها هؤلاء الأطفال، للتأكد من أنهم من رعايا هذا البلد أو ذاك".
وتابع أن "عمليات التأكد من الـ (DNA) والوثائق الموجودة لدى أمهاتهم ما زالت مستمرة وتحتاج الى وقت، لكون أغلب آباء هؤلاء الأطفال قتلوا في معارك التحرير".
من جانبه، قال عضو مفوضية حقوق الإنسان الدكتور فاضل الغراوي: إن "هناك دولاً رفضت تسلم هؤلاء الأطفال خوفاً من القيام بأعمال إرهابية فيها بالمستقبل".
وأضاف الغراوي في حديث لـ"الصباح" أن "قسما من هؤلاء الأطفال ما زالوا يلتحقون بأمهاتهم الموقوفات لدى الحكومة"، مشيراً الى أن "هناك دولاً وافقت على تسلمهم بعد ضغط عراقي عليها، في حين رفضت دول أخرى
ذلك".
وبيّن أن "هناك سعيا حكوميا لإغلاق هذا الملف والضغط بصورة دبلوماسية على الدول الرافضة لإعادة رعاياها إليها من الذين يحملون جنسياتها"، منبهاً إلى أن "وجودهم ضمن السجون ومراكز الاحتجاز قد يكون عاملا مربكا ومعقدا، إضافة الى الكثير من الاشكالات التي قد تحصل بسببهم، لا سيما أنهم ما زالوا غير مطلوبين لأية جهة
قضائية".
وأوضح الغراوي أن "هؤلاء الأطفال عاشوا في كنف (داعش) وشهدوا جميع محطاته، وقد يكونون مطلعين على أدق التفاصيل، مما ينذر بإمكانية نقل تلك المشكلات والتعقيدات الى المجتمعات التي يوجدون فيها"، منوهاً بأن "على العراق استثمار الجوانب الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية لحث الدول على تسلم هؤلاء الأطفال".
وحذر عضو مفوضية حقوق الإنسان من عملية "إنتاج" أطفال قد تعرضوا أو شاهدوا الكم الهائل من الجرائم الوحشية، "مما يؤكد وجوب معالجة الآثار لكي لا تكون هناك تداعيات مستقبلية على الدولة ومسؤولياتها في إحلال السلم المجتمعي".
تحرير: محمد الانصاري