أغلى وجبة فطور في التاريخ

العراق 2021/12/23
...

أحمد عبد الحسين
 
أمس استطعنا تسديد ثمن أغلى وجبة فطور في تاريخ الكون.
ليلة الثاني من آب 1990 اهتزت شوارب صدام فاتصل بأمير الكويت وقال له: الصبح الويلاد يتريكون "يفطرون" عندك. صرّح أمير الكويت بعدها أنَّ الأمور تحت السيطرة، وتهيأت الصحيفة الأبرز عندهم للظهور بالمانشيت التالي "الخلاف مع العراق غيمة صيف عابرة".
أثناء المكالمة بين الرجلين كانت الدبابات والمدرعات تتقدّم لحفلة الفطور الكبيرة في قصور الأمراء الذين أفطروا في السعودية حيث هربوا إليها بعد أن أيقنوا أنَّ بلدهم أصبح محتلاً من قبل الويلاد.
وأمس، أمس فقط، سدّد العراق ثمن وجبة الفطور تلك.
أكثر من 52 مليار دولار دفعناها قرباناً للشوارب التي اهتزت، لكنّ خسائرنا الفادحة لم تكن مالاً، كانت دماً ودموعاً وعشرات الآلاف من الضحايا وتحطّم مقدّرات الدولة وضياع سيادة العراق واحتلاله لاحقاً وجعله أسهل الأرقام في محيطه.
كان احتلال صدام للكويت ظالماً بالمقاييس كلها، لكنّ الثمن الذي دفعته أجيال العراق أكثر فداحة وأدوم أثراً. 
تحدث هذه المآسي الملحمية للأمم حين يكون مصيرها في يد شخص واحد أحدٍ متفرّد يرى في كلّ خلاف معه جرحاً لذاته النرجسية، فتهتزّ شواربه وباهتزازها يجب أن يهتزّ العالم بما فيه.
فطور الويلاد التاريخي هذا درس لكلّ من يشعر أنَّ لديه فائض قوّة تمكّنه من تسيير العالم كما يحبّ وأنْ يغيّر خرائط المنطقة كما يشتهي وأنْ يفرض نزواته كلما انفتح جرح نرجسيته الذي يريده أنْ يلتئم بأيّ ثمن، حتى لو كان هذا الثمن خراب العراق.