بغداد: سعد السماك
تعاني موانئ البصرة من تزايدٍ في مستويات التكدّس في ظلِّ تراكم الحاويات في ساحة تخزين ميناء "أم قصر" بموانئه القطاعيَّة الأربعة، كما تعاني موانئ رئة العراق وشريانه الحيوي من مخاوف الانعكاسات السلبية والضرر على الاقتصاد الوطني بمليارات الدنانير بسبب التهويل الإعلامي الباحث عن الإثارة الذي يرافق هذا الملف.
ولمعالجة هذا الملفّ بصورة عملية وجادة أصدر مدير جمارك العراق شاكر الزبيدي مؤخراً "أمراً بتسريع الاستجابة الإدارية لمنع تكدس الحاويات وفقاً لأحكام النظام 14 لسنة 1985 من (قانون الجمارك المعدل لبيع الأموال المتروكة".
وقال الزبيدي في حديث خاص لـ"الصباح": إنَّ "إيجاد حلّ لهذه المشكلة يقع على عاتقنا جميعاً، بما في ذلك القطاع الحكومي والقطاع الخاص والدوائر والموانئ"، مبيناً أنَّ "دور الموانئ مهم للإبلاغ اليومي عن الحاويات التي تصنّف ضمن الأموال المتروكة غير المرغوب فيها".
ولفت إلى أنَّ "مشكلة تكدّس إرساليات الدوائر الحكومية في الموانئ هي (التحدي الأكبر) للجمارك والموانئ"، داعياً "الدوائر المستفيدة إلى الإسراع في مراجعة المراكز الجمركية وتخليص إرسالياتهم وفقاً للقانون والتعليمات النافذة"، مبيناً أنَّ "الكثير من مواد تلك الشحنات تستخدم في تطوير البنى التحتية النفطية ومحطات إنتاج الكهرباء والصناعات المختلفة وصيانتها".
واستذكر الزبيدي "النتائج الإيجابية للقرار (211) الذي ينصّ على (إدخال البضائع المتكدسة للبلاد على أن يتمَّ استيفاء الرسوم الجمركية والضريبية لاحقاً) وتكمن فائدة القرار الاقتصادية والتنموية بإدخال أكثر من 1500 حاوية للبلاد خلال عام2020، وهي عملية ناجحة بغية منع تكدس البضائع".
وأوضح مدير الجمارك برنامج دائرته لمنع تكدس الحاويات، قائلاً: "في البداية، لابد من تشريعات أخرى لمنع تكدس الحاويات في الموانئ لردم الفجوة في الصلاحيات الجمركية ومتابعة المخولين الحكوميين (دون الرغبة في المراجعة إلى المراكز الجمركية)، وكذلك أيضاً توجيه الإخطار الرسمي لوكلاء الإخراج للقطاع الخاص بالمراجعة (لمعرفة قيمة الرسوم المترتبة على بضاعتهم وتسديدها)، لكي يتمكن من الحصول على بضاعته قبل أن تتجاوز رسوم التخزين وأجور الشحن والعوائد والأجور للموانئ قيمة البضاعة".
وكشف الزبيدي عن أنَّ "لجاناً جمركية شكّلت بالتنسيق مع الموانئ للدلالة على الحاويات المتروكة التي يمضي على حفظها في المخازن الجمركية والأرصفة والساحات (ثلاثون يوماً) أحصت أكثر من 400 حاوية في موانئ أم قصر حتى الآن تمهيداً للتصرف فيها وفق القانون خلال الفترة المحددة باللجان المشتركة".
ونبه إلى أنه "من الصعب تصنيف (الحاوية المتروكة) أو المخالفات على أنها من (المواد المهرّبة) مثلما يجري تداوله في الإعلام في حين أنَّ أغلبها تغلق ملفاتها قضائياً بعد إحالتها وتسلم للمؤسسات الحكومية، وتندرج أغلبها بصنف (الحرجة والحاكمة) التي تستخدم في الصناعات النفطية والكهرباء"، مشيراً إلى أنَّ "تأخر تسلم بعض تلك الحاويات تسبّب بأزمة عام 2019 تمثلت بنقص إمدادات الكهرباء وتأخر إنجاز مشاريع نفطية عملاقة لها مردود اقتصادي كبير يفوق عشرات المرات عوائد الحاويات المتروكة مجتمعة"، وقال: إنَّ "لإدارة الجمارك الصلاحيات النافذة في أن تبيع البضائع ووسائط النقل من جميع الأنواع وفقاً للمادة (262) من قانون الجمارك المعدل".
وبشأن تأثير التهويل الإعلامي في واقع الموانئ العراقية، استدعى الزبيدي أمثلة على ذلك، في موانئ (لبنان واليمن وليبيا) وقال: "لقد تحوّلت وسائل الإعلام المحلية إلى آليات دعائية، غذت التوجهات بفقدان الأمن والاستقرار ما أدى إلى الشلل التام وقيام الشركات والمستوردين بنقل خطوطهم الملاحية من موانئنا إلى دول الجوار". وتوقع أن "تسبِّب الحملة الإعلامية المفبركة على موانئ العراق خفض إيرادات الجمارك بحدود 500 مليار دينار سنوياً في الأقل، وذلك لعزوف المستوردين وتجار القطاع الخاص عن استخدام موانئ البصرة والتوجّه إلى دول الجوار".
وأبدى مدير الجمارك في حديثه لـ"الصباح"، مخاوفه من أن "تتحوّل تلك الرسائل الإعلامية إلى أحد الأسباب المؤثرة في تراجع حجم البضائع المستوردة عبر موانئنا مقابل ارتفاعها في موانئ مجاورة، إلا في حال قيام الحكومة المركزية والمؤسسات الإعلامية باتخاذ الإجراءات الخاصة بغلق الملفّ الإعلامي المفبرك لأغراض واجتهادات شخصية".
• تحرير: محمد الأنصاري