نفطُنا لهم

العراق 2021/12/27
...

أحمد عبد الحسين
 
كثيرون حذروا من أن معضلة كبرى بانتظارنا إذا استمر اعتماد الاقتصاد العراقي على ريع النفط، كما هو حاصل الآن، لكنّ التحذير إذا ما أتى من وزير المالية مصحوباً بقوله "إن الدولة ستضطر إلى تسريح موظفيها كلّهم في السنوات العشر المقبلة"، فإنّ الأنظار ستتجه إلى مشهد أقلّ ما يمكن أن يقال عنه بأنه كارثيّ.
حجم الاضطراب الذي يحمله مشهد كهذا لا يمكن أن تتحمله العملية السياسية المرتبكة أساساً، وسيكون لنا أن نختبر عصفاً شعبياً لا يمكن مقارنته بالاحتجاجات التي مرتْ علينا خلال السنوات التي أعقبت التغيير.
فريقان إزاء تصريح وزير المالية: متفائل ومتشائم.
أما المتفائلون فيرون أن تقديرات الوزير الزمنية لقدرة العالم على التخلص من النفط كمصدر للوقود تقديرات تنقصها الدقّة. هؤلاء يعتقدون بأنّ النفط سيظل المصدر الرئيس لطاقة العالم إلى زمن بعيد مقبل.
المتشائمون ضاعفتْ تصريحات الوزير تشاؤمهم. ملخص كلامهم أن بحث العالم عن مصادر بديلة للطاقة وصل إلى مراحل متقدمة، وأن الدول النفطية الأخرى استعدّتْ لليوم الموعود الذي تتساوى فيه قيمتا الماء والنفط.
السياسات الاقتصادية في الدول التي تريد مستقبلاً آمناً لمواطنيها لا تترك شيئاً للصدفة، ولذا فإنّ رؤى المتشائمين هي الأقرب والأجدر لأن تكون على طاولة صنّاع القرار في العراق.
حين يأتي يومٌ يكون فيه امتيازنا النفطيّ هباء منثوراً، سنتذكّر أننا أضعنا كنزنا الوحيد على حروب ديكتاتور الأمس، وفساد لصوص اليوم، وتخبّط وارتجال سياسات حيكتْ لتلائم مقاس تنظيم مافيوي لا نظام دولة.
حين تغدو أهمية النفط مجرد ذكرى، سنعرف أن نفط العراق لم يستفد منه سوى ديكتاتور وبضعة لصوص.