«التك تك» يغزو شوارعنا ويتسبب في حوادث سير

ريبورتاج 2021/12/29
...

  محمد عجيل 
ذهب ابن صديقي علي حافظ قبل عدة اسابيع ضحية حادث سير تسبب فيه (تك تك) ولم ينل حتى ديته الشرعية، لأن صاحب «التك تك» ادعى أنه فقير ولا يملك قوت يومه، وعلي حافظ واحد من العشرات الذين فقدوا حياتهم في حوادث سير مؤسفة نتيجة ما يشهده الشارع من فوضى وتسيب وعدم التزام بالقواعد المرورية من قبل سائقي الدراجات النارية و «الستوتات»، ومن ثم الضيف الجديد علينا (التك تك) الذي دخل عالمنا من حيث لا ندري، واستغل شعاراً اثناء تظاهرات تشرين التي شهدتها ساحة التحرير قبل عامين، ويومها نال دوراً وطنياً قل مثيله من دون أن يدرك الناس أنه سيكون مصدر ازعاجهم يوماً ما.
فرصة عمل لا بد منها
يقول الشاب محمد سلمان قبل اربع سنوات تخرجت في كلية الآداب قسم الفلسفة، لكني لم اجد فرصة للتعيين لإعالة نفسي والتجهيز لمشروع الزواج، ما اضطرني للعمل بمختلف مجالات الحياة حتى اقترح عليّ احد اصدقائي أن اشتري «تك تك» بالتقسيط المريح والعمل عليه بين احياء المدينة، وفعلا استلفت المقدمة التي تبلغ مليون دينار وكفلني زوج شقيقتي ببقية المبلغ الذي قسط على مدار عام وبقيمة مئتين وخمسين الف دينار شهرياً، واكد سلمان أن «التك تك» افادني كثيرا لكونه وفر لي مبلغاً يومياً للمعيشة ودفع الأقساط ومن ثم وفر لي الجهد البدني الكبير الذي كنت أبذله اثناء عملي في البناء، لكن ذلك لا يمنع من القول ان هناك مضايقات نعيشها في الشارع نتيجة الاستخدام غير الأمثل لهذه الواسطة من قبل الكثير من الشباب الذين استغلوها لأغراضهم الخاصة، وفي بعض الاحيان نقل الممنوعات مثل الحبوب المخدرة او المشروبات الكحولية، بينما يرى مهند تحسين وهو فتى في منتصف العقد الثاني من عمره أن العمل على «التك تك» قد افرغ السوق من الايدي العاملة الشابة، بعد أن لجأ أغلبهم لهذه المهنة التي لا تدر الربح الوفير، بقدر ماهي تلهية للوقت، ولدي عدد من الأصدقاء تركوا مدارسهم وهرولوا لاقتنائه حتى وضعوا مهنة لأنفسهم (سواق التك تك) واصبح هناك مقهى خاص لهم سمي باسمهم، ولا يتحدثون الا مع اقرانهم من بقية السائقين.
 
وداعاً للتاكسي
وسط هذا الكم الهائل من عجلات «التك تك» التي عجت بها شوارع الاقضية والنواحي، رُكن على الجانب أصحاب مهنة اخرى مضت عليها عشرات السنين وهم أصحاب «التاكسيات» الذين شكوا امرهم الى الله اولا ومن ثم لـ «الصباح»، اذ يقول محسن غيلان: هذا هو حالنا، اشترينا سيارات بملايين الدنانير وبالتقسيط والآن نستجدي الاجرة، وبعد مزاحمة بعض الموظفين  لنا في مهنتنا دخل على وسطنا أصحاب «التك تك» الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية من سنوية او اجازة سوق او واسطة، ويقبلون في ابخس ثمن للأجرة من دون مراعاة لحاجتنا الى العمل لغرض كسب لقمة
العيش. 
واوضح أن سائقي التاكسي اصبحوا من المغضوب عليهم، ويدفعون الضرائب للحكومة من تسجيل سيارات ولوحات واجازات سوق من دون أن يجدوا فرصة للعمل الا في قطع المسافات الطويلة بين المحافظات، ومن خلالكم نناشد الجهات المسؤولة لغرض الحفاظ على حقوقنا، بينما كشف سائق تاكسي آخر عن بيع مركبته وعمل كشك في الشارع بعد أن اصبح مالك التاكسي عاطلاً عن العمل بفعل اغراق الشارع بـ «التك تك»، وتساءل ابراهيم عبد الكاظم عن جدوى استيراد هذا الكم الهائل من دون مراعاة قدرة الشارع على استيعابها في الوقت الذي تقف فيه المؤسسات البلدية عاجزة عن وضع علامات مرورية بسيطة في المنحدرات والاستدارات واماكن الوقوف، وقال: لقد اصبحت عجلات «التك تك» والدراجات النارية والستوتات مصدر ازعاج للمواطن والسلطات المرورية والقضائية، نتيجة الحوادث التي تتسبب فيها ويذهب ضحيتها العشرات، اضافة الى أخلاقيات سائقيها التي انحدرت بدرجة كبيرة، ولم تأخذ بعين الاعتبار قيم المجتمع العراقي.
 
انتقادات لاذعة
بدوره وجه نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية العراقي ورئيس غرفة تجارة بابل في الوقت ذاته المهندس الحقوقي صادق هاشم الفيحان انتقادات للأجهزة الحكومية في وزارتي التجارة والتخطيط، والتي فتحت الباب على مصراعيه امام استيراد الدراجات النارية وعجلات (التك تك) وقبلها الستوتات في الوقت الذي لم تتوفر فيه ابسط مقومات الضبط في الشارع، وقال: طالبنا اكثر من مرة بأن يكون الاستيراد للمركبات والعجلات بأنواعها خاضعاً لاعتبارات عدة، منها حجم استيعاب الشارع ونوعية المركبة وموديلاتها، اضافة الى وضوح عائديتها لأغراض التسجيل والترقيم، لكن القانون الذي اجاز منح اجازات الاستيراد حصر الأمر بوزارتي التجارة والتخطيط، واكد نحن مع اي اجراء حكومي يحد من بطالة الشباب ويوفر فرص عمل، لكن وفق قواعد وقوانين لا تضر الشارع والمواطن، ولا تلحق الضرر بالآخرين، لكن للأسف ما يجري هو جزء من فوضى تتحملها الجهات المختصة، ومن ضمنها هيئة الجمارك، لأن لدينا معلومات بأن هذه الدراجات والعجلات تدخل للبلاد على شكل ادوات احتياطية، اي إن هناك اجازة استيراد خاصة بالأدوات الاحتياطية، لكنها بقدرة قادر وبفعل تدخل المنتفعين والفاسدين في الأجهزة الادارية تتحول الى اجازة استيراد الأنواع التي ذكرناها سابقا، ونحن في اتحاد الغرف التجارية ليس لنا دخل من قريب او بعيد في دخول هذه البضاعة للعراق، لان حدود عملنا تنحصر في منح هويات غرف تجارية لأصحاب المهن وليس لدينا عنوان مهنة تحت اسم بيع ستوتات او عجلات «تك تك» او دراجات نارية، واعرب صادق الفيحان عن أمله في الحد من هذه الظاهرة من خلال تدخل الحكومة لمساعدة الشباب في الحصول على سيارة «تاكسي» يعملون عليها مقابل أرباح زهيدة تقسط عليهم، كما حصل في التجربة المصرية، اذ منعت عجلات «التك تك» من السير، واستبدلت بسيارات تاكسي، كما واتمنى أن تأخذ  مديرية المرور والسلطة القضائية دورهما في القضاء على الفوضى التي يشهدها الشارع، ومنها عدم تسجيل هذه الدراجات والستوتات واصدار ارقام خاصة بها.
 
حوادث لا حصر لها
وتحدث مدير اعلام صحة بابل الزميل خالد عبد احمد عن حصيلة الحوادث التي تسببها الدراجات النارية و وعجلات «التك تك» في الشارع الحلي، وقال: تستقبل مستشفيات المحافظة يومياً العديد من الحوادث المرورية التي يسببها التصادم او الانقلاب في أوساط المركبات، نتيجة الفوضى التي خلقتها الدراجات في الشارع، وتقوم ملاكاتنا الطبية حتى ساعات متأخرة من الليل باجراء الاسعافات الأولية للاصابات التي تحدث والتي غالبا ما تكون درجتها خطرة جدا وتؤدي الى الوفاة، كما أن بعض الضحايا لا نجد لهم هوية تعريفية فيتم التوجه الى الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من اجل تعريف ذويهم، وعن أعمار الضحايا والمصابين اكد عبد احمد انهم فتيان بعمر الزهور او شباب، وهم طلبة جامعات او خريجون عاطلون عن العمل، وان البعض منهم يتسبب بالحادث لأنه يكون تحت تأثير الخمور او الحبوب المخدرة، وهذا من أبرز التحديات التي تواجهها الدوائر الصحية.
 
تحديات يومية
وتواجه الأجهزة المرورية في بابل تحديات كبيرة لغرض ضبط الشارع وتحقيق انسيابية عالية في سير المركبات، رغم ما يعانيه الشارع من سلبيات، اذ قال مدير مرور بابل العميد رضا حمود العمشاوي: «هناك جولات ميدانية في عموم محافظة بابل لغرض ضبط كل المخالفات المرورية بما فيها عجلات «التك تك» غير المسجلة، وتم توجيه سائقي عجلات «التك تك» بضرورة مراجعة مجمع تسجيل المركبات الواقع على طريق حلة كربلاء لغرض تسجيلها، بعد تخفيض الرسم المقرر من خمسمئة ألف دينار الى ثلاثمئة ألف دينار والمعاملة  داخل المجمع تكمل بسلاسة وسهولة. 
وهذه دعوة من خلالكم لكل الاخوة إلى الاسراع بمراجعة المديرية لغرض اكمال اجراءات التسجيل، ومنحهم اللوحة الخاصة بها، وخلاف ذلك يتم حجزها لحين اكمال تسجيلها. 
واكد أن حركة سير «التك تك» في عموم المحافظة ضعيفة، لكن هناك زخما في اقضية القاسم والحمزة الغربي، واجهزتنا المرورية هناك تأخذ دورها بالتعاون مع أجهزة وزارة الداخلية الاخرى، بينما اشار مدير اعلام المرور العميد زاهر حسين الى أن هناك ندوات ومؤتمرات توعوية تقيمها المديرية بين الحين والآخر، لغرض تثقيف أصحاب المركبات والدراجات المسجلة من اجل احترام القوانين وقواعد السير في الشارع، اضافة الى البوسترات التي نصدرها بين الحين والآخر، كما ادعو الجميع للتعاون مع الأجهزة المرورية بالشكل الذي ينظم السير، والتقليل من الحوادث، واحترام القانون لأن ذلك يبرز المظهر الحضاري والجميل للإنسان العراقي والمحافظة.