كيف نفهم «كلام محمَّد.. رؤى محمَّد» لعبد الكريم سروش؟

ثقافة 2021/12/29
...

 محمدحسين الرفاعي
 
[I]
الدخول في حقل النقد والنقد المضاد، من جهة الفلسفة بوصفها علم الحقيقة، مع «عبد الكريم سروش»، يتطلَّب الاِنطلاق من حقل الفهمِ الخاصّ بالمعرفة الفلسفية والعلمية الحديثة، وما بعد الحديثة، من جهة، ومن حقل الشعر الفارسي بوصفه مصدرًا روحيَّاً- مجتمعيَّاً هو [السابقُ- إلى- الفهمِ] في العقل الفارسي، من جهةٍ أخرى: ذلك ما يؤكده «سروش» عَبرَ الاِقتباسات المتعدِّدَة من حافظ الشيرازي، وسعدي، وشمس تبريزي، وجلال الدِّين الرومي. وحتى يكون النقد، ويقدِّم إضافة معرفية، لا بُدَّ من أنْ يكون من الداخل. لأنَّ النقد من الخارج، في المعنى الواسع للمفهوم، يتعلَّق بالمعرفة العادية، لا الفلسفيَّة، ولا العِلميَّة الحديثة. 
 
[II]
يُمارَس النقد من الخارج، على الأغلب، من ضروب تَمَوْضُعٍ معرفيٍّ صراعية حول القبض على الحقيقة، أو شطرٍ منها، ومضمونها؛ إنَّها ضروبٌ لا علاقة لها بالمضمون، مضمون الموضوع، ولا ترتبط بالبنية الخاصَّة به. هي، في أفضل حال، تُصنَّف، إبستيمولوجيَّاً، على أنها تهرب من الولوج إلى ماهيَّة الموضوع. أو تمارس ضربًا من السلطة على المعرفة.
 
[III]
وهكذا، فمن خلال الحقول التي لا يمكن أن تفكِّك نظرية «كلام محمَّد.. رؤى محمَّد»، أو نظرية الرؤيا، نتعرف إلى حقول الفهمِ التي تضطلع بتساؤل التفكيك حول النظريَّة الأخيرة لـ «عبدالكريم سروش». فإذن، ما هي الحقول التي لا تتكامل مع موضوع نظرية سروش، ولا ترتبط بخصوصيته وبنيته؟
 
[IV]
في السَّبيل إلى ممارسة النقد من الداخل، نقد نظرية الرؤيا بوصفها ممارسة إبستيمولوجيَّة- روحية، لا بُدَّ من أنْ يبتعد النقد، في كُليَّتِهِ، من أجل تفكيك ضروبِ نقدٍ تقع خارجَ النقد الحديث، عن اِستخدام المفاهيم الخاصَّة
بالحقول الآتية:
-1 حقل النقد من الخارج: من خارج [حقل- الفهم] الذي تقع داخله ممارسة «عبد الكريم سروش» للإبستيمولوجيا، أي من خارج إبستيمولوجيا الرياضيات وبالتحديد إبستيمولوجيا كارل بوبر. -IIمن الداخل من دون ماهيَّة الموضوع: من داخل حقل الدِّين، والتديُّن، وحقل النص الديني بخاصَّةٍ، والتراث الديني بعامَّةٍ، لكن اِنطلاقاً من أخذ ماهيَّة النص على أنها إلهية. لأنَّ ماهيَّة النص الديني عند «سروش» إنَّما هي روحيَّةٌ في المعنى الإنساني، وفي دلالةِ كثافة المعنى الإنسانيَّة للذات نفسها؛ أو لا تكون. 
 
 -III 
من الخارج بواسطة الآيات القرآنية: أي من خارج ماهيَّة الموضوع بوصفه روحيَّاً على نحو إنساني، مكثَّفاً وفقاً لعمق الرُّوح الإنسانيَّة، أي التجربة الروحية للذات المُتسائِلة- والمُتَفكِّرة- والفاهمة، بواسطة آيات قرآنية تريد أن تفنِّدَ نظرية «سروش» التي تتضمَّنُ أنسنة النص الديني. وبعدُ، بعدَ التعرف إلى حقول النقد التي تمارسُ ضربًا من التخلع البنيوي في ممارستها النقدية، وفي مفهوم النقد الحديث نفسه؛ ماذا يعني، والحال هذي، النقدُ بوصفه بِنيَة منطقيَّة ذاهبةً نحو التفكيك؟ أو تأصيله من جهة إنَّه أصلاً من أصول التَّفكير الحديث؟ وكيف يُبنى النقد؟ 
[V]
أوَّل بدء النقد يتعلَّق بتفكيك تَشْييءِ النَّص الديني. لا أقصد بالتشييء ما ذهب إليه ك. مارْكس، وف. أنغُلْز، وقبلهما ج. ج. روسو، وهيغل، ضمن مفهوم «التَّشَيُّؤ- والاِغتراب- والاِستلاب»؛ على الرَّغْمِ مِنْ أنَّني أقوِّم مفهوم تشييء النص الديني عليه؛ لكن أيضًا أشير بهذا المفهوم إلى تلك الإمكانات التي يتوفَّر الفهمُ عليها من جهة كونها ضروب الفهم الكُلِّيّ؛ أي تلك التي، بعدَ أن تفهم النص على جهة بعينها، تغلق [فهمَ- النَّصِّ- من- جديد]. 
 
[VI]
ما نضعه، ضمن ضروب موضَعَةِ Objectivation موضوعات النص الدِّيني، من أجل ألاَّ نقع في تشييئِهِ
 إنَّما هو هذا: 
-Iفلسفيَّاً، على نحو أعمّ، يمكننا أن نقول: إنَّ النَّصَّ الدينيَّ ينتمي إلى الفهم، من خلال حيثية موضوعيَّة بعينها، تحدِّدها الفلسفةُ في الفهم الحديث، هي تناوله من حيثُ أنَّه موضوعٌ أصليٌّ يشتمل على أفهام أنطولوجيَّة تتجاوز الوجود الواقعاني (المحسوس)- [فينومينولوجيا النص الديني].
 
 -II  
ميتافيزيقيَّاً، بعامَّةٍ، تتضمَّنُ اِفتراضاتنا الخاصَّة بالنَّصِّ معنى إتيان النَّصِّ إلى مستوى الوجود بضربين، على أقل تقدير، من الفهم: إمَّا من خلال داخلانية Internalism النص التي تُؤخَذُ على أنَّ للنصِّ ماهيَّةً تسحب الأفهام- وضروب التفسير المختلفة، والمتعدِّدَةِ، والمتنوِّعةِ، إليها، وإمَّا خارجانيَّة Externalism النص التي يُظفر، عبرها، بفهم النص، وتفسيره، من خلال وقوعه علينا، في الواقع المجتمعيّ المحسوس- [هرمنيوطيقا النص الديني]. 
 
 -III
 إثيقيَّاً، بخاصَّةٍ، يُتساءَل عن النَّصِّ باِعتباره يتوفَّر على إمكانات رسم لوحة الخير- والشَّرِّ في أُمَّةٍ، أو مِلَّةٍ بعينها- [إثيقا النص الديني].
 
-IV
 إبستيمولوجيَّاً، على نحو أخصّ، يقوم التَّفكير بالنَّصِّ على كل ميادين إنتاج المعرفة به- [إبستيمولوجيا
النص الديني].