أحمد عبد الحسين
ليس السلاح المنفلت هذه المرة، ولا الخارجون عن القانون، بل سلاح الدولة في يد الدولة، هو سبب كارثة "جبلة" التي قُتل فيها عشرون مواطناً عراقياً أغلبهم أطفال ونساء.
الفاجعة تكاد تكون خلاصةُ ثغراتنا كلّها، وثمرة الارتجال الذي هو منهجنا المتّبع في تسيير شؤوننا. يأتي شخص بمعلومة غير مؤكدة عن "وكر" للإرهاب فيتضح بعد فوات الأوان أنْ لا وكر هناك ولا إرهاب.
حدثتْ في السابق أخطاء قاتلة كهذه بسبب "المخبر السريّ". تحدث في كل أجهزة العالم هفوات جسيمة كهذه، إلا أن تكرارها على هذا النحو، والتعاطي معها من دون ردع وحزم سيجعلها نهجاً أمنياً متبعاً.الهاجس الأمنيّ يحكم العراق. وطغيان هذا الهاجس أمر طبيعيّ في ظروف دولة مرّتْ بحروب كثيرة واقتتال داخليّ وتحديات إرهابية كانت تنذر بتقسيم البلد، لكن الحساسية الأمنية الفائقة ستكون وبالاً إنْ لم يرافقها أداء مهنيّ كفوء يوازيها في المقدار ويواكبها.لا شكّ لدينا في كفاءة الأجهزة الأمنية بعد اجتيازها مخاضات حروب القضاء على داعش وخوضها لمعارك التحرير، غير أن ثغرة كهذه يمكن أن يطلّ منها تشكيك المشككين بتلكم الكفاءة وهذه الخبرة. والأمر لا يتعلق دائماً باستخدام السلاح وكثافة النيران، بل بتقدير الوضع واقعياً وضبط النفس وقراءة المعطيات على الأرض. ولا أعرف إنْ كان ينقص رجال قواتنا الأمنية دورات في علم النفس، لكني أعرف أن فواجع فادحة تأتي من مجرد الشجاعة من دون تدبّر.اعتبار الضحايا شهداء وتكريم من بقي من الأسرة لن يكون شافياً.خير تكريم لهم وتطمين لنا هو محاسبة المخطئين وعدم تكرار الفاجعة.