حسن العاني
استقبلت حياتنا السياسية بعد (ثورة التاسع من نيسان المجيدة) اكثر من (56 مفردة ومصطلحاً) جديداً، بحيث اصبحت جزءاً من خطابنا اليومي والاعتيادي، واحدة منها، او واحد منها، هو (الاستحقاقات) او الاستحقاق الانتخابي، ومع أن هذه التسمية لا تعنيني من قريب او بعيد، ولكن الذي لفت انتباهي هو التركيب اللغوي في (الاستحقاق)، ومثلها بالمئات على غرار (استنفار، استقراء، استرضاء ..الخ ) فهناك كما هو واضح وجود لثلاثة حروف تتكرر وهي (الهمزة والسين والتاء)، ولغرض التعرف على هذه الصيغة التي استوقفتني، اجهدت نفسي وعدت إلى القليل الذي تحتفظ به الذاكرة من أيام الدراسة الجامعية ومحاضرات استاذي الكبير المخزومي رحمه الله، التي تعود الى قرابة احدى وخمسين سنة انصرمت، اذ ظهر لي بأن هذه الحروف الثلاثة (زائدة) ..نعم .. زائدة، ولذلك ضحكت من خيبتي وعليها، إذ لا يبدو من الطبيعي بعد كل الجهود التي بذلتها، واستنفار الذاكرة ثم تظهر الحروف من غير طعم ولا لون ولا فائدة!.
ولكن لا بأس، فرب ضارة نافعة، لأن الاستحقاق الانتخابي قادني الى تأمل أسباب القيامة القائمة منذ تسع عشرة سنة على تغيير النظام، وقد اكتشفت بفطنة سياسية احسد عليها، أن (الاستحقاقات الانتخابية) مصطلح لطيف، يتمتع بقدر من التهذيب والرقة، مع الكثير من التناغم مع (الحق) واقصد حق كل (تيار او كيان او حزب او مكون او كتلة) شارك في الانتخابات ونال عدداً من المقاعد – بغض النظر عن كونها صغيرة او كبيرة – اقول من حقه أن يحظى بحصته من المناصب التنفيذية، أي ان نصيب الائتلاف الفلاني مثلاً هو (خمس وزارات من بينها واحدة سيادية) هذا غير حصته من وكلاء الوزارات والمدراء العامين والسفراء..الخ، ونصيب الائتلاف الآخر كذا وزير ووكيل وسفير ومدير عام (أكثر او أقل) على وفق عدد المقاعد التي خرج فيها من
الانتخابات!.
لقد فاتتني مع الاسف – عندما وصفت الاستحقاق الانتخابي بأنه: مصطلح لطيف يتمتع بقدر من التهذيب والرقة - الاشارة الى أن هذا المصطلح (مطور او محور) عن (المحاصصة) التي هي ليست أسوأ من الاستحقاق ولا الاستحقاق أفضل منها، بالمناسبة فانا لا أفهم لماذا تعترض أطراف العملية السياسية على المحاصصة – ولو ظاهرياً فقط – مع أنها امر طبيعي، فمن العدالة أن تطالب الأحزاب بنصيبها من السلطة، نعم هذا حق مشروع وانا معهم وارفع صوتي الاعلامي لمناصرتهم في تلك الخصومات والمطالبات العنيفة، شيء واحد بسيط، بل بسيط جداً ما زال يربك أفكاري، ويضعني في دوامة سؤال واحد فقط، قد يبدو ساذجاً : أين هي حصة الشعب؟!