إنصافُ القطاع الخاص

آراء 2022/01/05
...

  عباس الصباغ 
 
من ضمن الحقوق المترتبة لكل مواطن أن يتمتع بفرصة عمل تؤهله للعيش الكريم، وهذا من أبسط حقوقه التي  يجب أن يتمتع بها، ومنها اختيار الوجهة الخاصة به كمواطن حر في الارتزاق، سواء في القطاع الخاص او العام او المختلط، ولكن لا احد يريد الخوض في دهاليز القطاع الخاص او يجرب حظه فيه، بعد فقد الشارع ثقته في هذا القطاع، واصبح الاعتماد كليا على الاستيراد حتى وان كان اقل كفاءة من الوطني، فتقهقر القطاع الخاص الى الوراء في جميع حيثياته وصار قطاعا مهملا، بل يكاد يكون صفرا على 
الشمال.
وفي الحقيقة التي لا جدال فيها انه لا يوجد تعافٍ لأي اقتصاد من دون مشاركة القطاع الخاص ومن دونه يبقى النشاط الاقتصادي كسيحا، وبالرغم من الجهود الحكومية الحثيثة  لتنشيط القطاع الخاص الذي يعدّ الظهير القوي للقطاع العام، إلا أنه بقي المزاج الشعبي العام متوجها نحو القطاع الحكومي  نابذا القطاع الخاص، باعتبار أن القطاع العام وحسب المتعارف عليه والسائد هو أكثر أمانا وأقل تكلفة وأكثر ربحية، ولعدم وجود قناعة أساسا بهذا القطاع الذي أهمل منذ التغيير النيساني وحتى الان، بدليل إن اغلب الخريجين إن لم يكن كلهم يتوقون الى ايجاد اية فرصة عمل مهما كانت في القطاع العام، ولهذا نجد الكثير من الخريجين يتظاهرون ويعتصمون بشكل حاشد وفي بعض الاحيان. 
مطالبين بحقهم في التعيين في دوائر الدولةـ  تستجيب الجهات المعنية لطلباتهم ومن دون ان يفكروا بطرق ابواب القطاع الخاص، وبعد حدوث مضاعفات مؤسفة نتيجة الاحتكاك المباشر بينهم وقوى الامن، وهنا يبرز تناقض حاد بين التوجهين؛ التوجه الحكومي في انعاش القطاع الخاص وبث الحياة في أنساغه،  وبين التوجه الشعبي نحو القطاع العام والتخلص من (دوخة الراس)، وتجربة قد تؤدي الى خسارة مادية غير محسوبة العواقب كونه ما يزال مجهولا للشارع ويفضل الاستعاضة عنه بوظيفة حكومية جاهزة ومريحة من دون تجارب خاسرة.
 
تنشيط القطاع الخاص لا يتأتّى حسب الادبيات الاقتصادية الإنشائية الجوفاء او الوعود الرومانسية الخلابة التي تعد بمستقبل زاهٍ، فهو موضوع مشترك بين الجميع حكومة وشعبا، ويجب وضع اليد على الأسباب التي  حالت من دون تنشيط القطاع الخاص، وجعلت الناس يعزفون عنه، او اللجوء الى نظرية المؤامرة لتفسير ما حدث ورمي المسؤولية على عاتق الأقدار وسوء الحظ.  
الكثير من الشعوب قد نهضت من الصفر وطورت اقتصادها بنوعيه بسبب قناعة مواطنيها بذلك، وفي العراق  إن بقي القطاع الخاص مهملا وغير واضح المعالم والأهداف والبرامج فإن الاقتصاد سيبقى يترنح تحت الهامش وبعيدا عن جو الاستثمار الذي هو أساس التعافي الاقتصادي لأي دولة لا سيما الريعية منها لا سيما العراق.