{الصباح} تحاور وزيرة الهجرة ريم العبلي: نعمل على سن قانون جديد للتجنيس

العراق 2022/01/05
...

 حوار: علي عبد الخالق
 
جذبت الشابة العراقية ريم العبلي، أنظار العالم بعد رحلة نضال وعمل سياسي أوصلتها إلى كرسي المسؤولية في الحكومة الفيدرالية، مروراً بالبوندستاغ "البرلمان الألماني"، كأول امرأة بهذه السيرة المهنية من بلادها الأم .وصلت العبلي إلى البرلمان بعدما فازت بالانتخاب المباشر في أيلول 2021 عن دائرة شفيرين ـ لودفغزلوست بارخيم شمال ألمانيا، عن الحزب الاجتماعي (الاشتراكي) الديمقراطي الألماني، وحصدت 44.107 أصوات في دائرتها كأول سيدة من أصول مهاجرة، ما يشكل نسبة تبلغ 29,4 %، متقدمة على منافسها من الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي حصل على 20.7 %.
في 8 كانون الأول 2021 تم تعيينها بمنصب وزيرة الدولة لشؤون الهجرة واللاجئين والاندماج في حكومة مستشار ألمانيا الجديد أولف شولدز، لتكون أول من يحصل على منصب وزاري في الحكومة الفيدرالية الألمانية من أصول عراقية، وتعيد للأذهان سيرة جدها السياسي العراقي اليساري محمد صالح 
العبلي.
ولدت ريم في العاصمة الروسية موسكو في آيار 1990، وهو المكان الأول للجوء والديها بعد خروجهما من كردستان العراق بعد حملات إبادة الأنفال، وفي العام 1996 سافرت مع أسرتها للاستقرار في ألمانيا، وهناك أكملت دراستها في جامعة برلين الحرة باختصاص العلوم السياسية، وتدرجت في عدة أعمال في منظمة العلاقات الدولية في دائرة الأجانب، ثم أصبحت المفوض المسؤول عن دائرة اللجوء والهجرة والاندماج.
عملت العبلي منذ عام 2015 كمفوضة حكومة ولاية مكلونبورغ– فوربوميرن لشؤون الاندماج، وذلك لاهتمامها بقضايا الاندماج. وكانت في الأثناء عضواً نشطاً في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يعد أكبر أحزاب المعارضة تمثيلاً في البوندستاغ الألماني، وثاني أكبر حزب شعبي من حيث العضوية، وتعود جذوره الأولى إلى العام 1863، بعد اندماج اتحاد جمعية العمال الألمان مع حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي.
"الصباح" حاورت العبلي، وسألتها عما إذا كانت تعرف شيئاً عن أصولها العراقية، فقالت: "نعم، ولدت في موسكو وهاجرت مع أسرتي إلى ألمانيا، ولكني أحمل ذكريات جميلة لوالدي عن العراق، هذا البلد العريق، وزرت العراق مرتين مع الأسرة، وتحديداً، زرت مدينتي أربيل ودهوك، وأحمل ذكريات جميلة عن المناطق 
التي زرتها".
وتضيف، "زرت أربيل للمرة الثالثة ضمن وفد منظمة العلاقات مع الشرق الأوسط في معرض بناء أربيل في العام 2014 وللأسف لم أستطع رؤية بغداد التي أتمنى أن أزورها بأقرب فرصة ممكنة، لقد ساعدتني خلفيتي المهاجرة على الاندماج بسبب تأثير الإرث الثقافي لأسرتي المبني بالأساس على حب الناس، واحترام الإنسان من دون أي فوارق، ويبدو أن هذا ساعدني كثيراً وبشكل خاص أثناء دراستي للعلوم السياسية".
تشير الوزيرة الشابة، إلى أن جذورها المهاجرة ساعدتها على الوصول إلى المنصب الأول في الإشراف على سياسة الهجرة في ألمانيا، "لقد عشت هذه المرحلة وعانيت ما يعانيه المهاجرون، وكذلك عملي في دائرة الأجانب، كنت مفوضاً في دائرة الهجرة والاندماج لمقاطعتي (مكلن بورغ فربومن) لمدة عام، وهذا ما منحني خبرة في هذا المجال، أود التوضيح أن منصب وزيرة الدولة لا يعفيني من مهامي كعضوة برلمان، وهو تمثيل الناس الذين انتخبوني وتحقيق الوعود الانتخابية التي قدمتها لهم، فلذلك علي العمل هنا في الحكومة الفيدرالية، بالإضافة إلى منطقتي التي انتخبتني".
تقول ريم إن انتماءها للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا هو الخيار المناسب، "إنه الحزب الأقرب لما أؤمن به، ينطلق ويركز في برامجه على تحقيق العدالة الاجتماعية، لقد طرح الحزب زيادة الأجور إلى 12 يورو لساعة العمل الواحدة كحد أدنى، كما رفع الحزب شعار "العيش معا" لكلّ الأشخاص بغض النظر عن جذورهم، والكل ينتمي لهذا المجتمع".
وبشأن سياسة التعامل مع اللاجئين التي تتبناها الوزيرة عبر حزبها، أشارت إلى أننا "طرحنا سياسة اندماج متقدمة من خلال الحق في الحصول على دورات التأهيل للاندماج وتعلم اللغة بغض النظر عن حالة الإقامة التي يمتلكونها، يضاف لهذا إتاحة الإمكانية لجميع الأطفال من الأسر المهاجرة، في الذهاب إلى رياض الأطفال وتسهيل لمّ شمل الأسر المهاجرة، كما نسعى في برنامج الحزب الذي أنوي تطبيقه في الحكومة، للحفاظ على المساحات السكانية المعقولة التكلفة، وإنشاء مساحات جديدة".
سألناها عن الاختلاف الذي تنوي حكومة المستشار شولتز الائتلافية، وضعه في سياسة الهجرة بعد 16 عاماً على حقبة المستشارة ميركل فقالت: "الحكومة الحالية تسعى لتعزيز المرونة، وبإجراءات تسعى إلى سن قانون يسمح بالهجرة القانونية، أي على أساس العمل، وذلك عبر التقديم إلى العمل في ألمانيا بحسب 
الطرق الشرعية".
طرحنا على الوزير عدة أسئلة بشأن تنامي خطاب العنصرية في ألمانيا، أكبر بلد في القارة الأوربية احتضاناً للاجئين من مختلف أنحاء 
العالم، إذ تشير مراكز الدراسات 
الأوربية إلى أن خطاب الجماعات اليمينية بدأ بالتعالي لا سيما بعد أزمات الهجرة التي أحدثها صعود تنظيمات مثل "داعش" في الشرق الأوسط، 
وكيف سيتم التعامل مع الانعزالية والانغلاق وعدم التأقلم، 
التي تعيشها بعض الجاليات في ألمانيا، "نعم، ما يخص موضوع العنصرية وخطاب 
الكراهية، فالحزب الاشتراكي الألماني سعى دائماً الى الوقوف ضد هذه الحركات وعدم توسعها، وفي برنامجه الحالي يقوم على تشجيع ودعم المنظمات المناهضة للعنصرية ودعم كل النشاطات التي تساعد على الحد من العنصرية وانتشار خطاب الكراهية، أما ما يخص الاندماج للجاليات المهاجرة، فلقد ذكرت بعض الإجراءات التي تساعد على ذلك، مثل تسجيل أولاد المهاجرين في رياض الأطفال، وكذلك تسهيل الانتماء لدورات تأهيلية ودورات اللغة، وأعتقد بأن هذا سيساعد على تعزيز الاندماج في الوقت الراهن".  
وفي تعليقها على أوضاع المهاجرين العراقيين والأزمة على الحدود بين بولونيا وبيلاروسيا قالت: "للأسف هذه أوضاع مأساوية، أنا شخصياً كنت في زيارة إلى بولونيا ضمن وفد رسمي يمثل حزبنا للاطلاع على وضع اللاجئين على الحدود هناك، طبعاً كانت أوضاعهم صعبة ومزرية وغير إنسانية، وهذه المشكلة الآن مطروحة على البرلمان الأوروبي لإيجاد حل لأنّها متعلقة بالاتحاد الأوروبي ككل، وهي لا تخلو من وجهات نظر وأجندات سياسية للدول صاحبة العلاقة".
وبشأن خطط الحفاظ على التماسك الاجتماعي في ألمانيا مع وجود مؤشرات صعوبة حصول المهاجرين على مسكن أو فرص تعليمية ومهنية، أوضحت الوزيرة العبلي، أن "خطط الحكومة الجديدة للحفاظ على التماسك الاجتماعي وتعميقه تكمن في تقديم مجموعة مشاريع قوانين للبرلمان لإقرارها، متعلقة بحصول المهاجرين على الدورات التأهيلية، وقوانين أخرى مثل مدة التقديم للتجنس وجعلها خمس سنوات وليس ثماني سنوات، وكذلك إعطاء حق العمل للمهاجرين بمن فيهم المرفوضون وكذلك تسهيل الحصول 
على الإقامة".