حصاد المياه

آراء 2022/01/19
...

  سها الشيخلي 
 
نتيجةٌ للتغيرات المناخيَّة التي عانى منها العالم باجمعه ومنه العراق، الذي شهد بروز الجفاف والتصحر والذي كانت تعد ارضه من أخصب أراضي الشرق الأدنى القديم، وظلَّ محافظا على هذه الميزة طيلة هذه المدة، الا أن حلول التغيرات المناخية جعلته يتراجع في السنوات الاخيرة، حيث أثرَّ هذا التغير على قلة الامطار التي كان وظلَّ العراق يعتمد عليها، وشهدت نتيجة قلة الأمطار الى بروز ظاهرة الجفاف والتصحر في أخصب بقاع العالم القديم، ما اضطر كلا من وزارتي الموارد المائية والزراعة الى تقليل المساحات المزروعة الى النصف، فكانت الخطة الشتوية لهذا العام قد تم تحديد زراعتها الى (500و2) مليون دونم وهو رقم لم يتماشَ مع الحاجة الفعلية للاقتصاد المحلي، خاصة اذا ما علمنا ان أغلب هذه المساحة المزروعة تذهب لزراعة المحاصيل الستراتيجية، ومن اهمها مادتا (الحنطة والشعير) من ما يؤثر في إنتاج الرغيف والعلف الحيواني ويفتح باب الاستيراد لتلبية مفردات البطاقة التموينية. 
الا أنْ الله منَّ على العراق بهطول الأمطار التي نشهدها اليوم ما يبشر بموسم زراعي وفير اذا ماتم استغلال هذه الامطار وخزنها في السدود، التي كانت تشهد قبل ايام قلة في مخزوناتها، لذا على الجهات المعنية طبعا وهما وزارتا الموارد المائية والزراعة بحصاد هذه المياه لا أن تذهب هدرا الى فتحات المجاري وتتلوث بما فيها من ملوثات، ثم تلقى في الأنهر لتزيد من تلوثه بمخلفات 
ما يرمى من المستشفيات، اضافة الى مياه المجاري، وان تتضافر جهود هاتين الوزارتين بالحفاظ على ما وصل الينا من نعمة كبيرة بفضل الله سبحانه وتعالى وهو الماء. 
وبفضل السيول التي جاءت الى مناطق شمالنا الحبيب، على وزارة الموارد المائية أن تكون جادة بحصاد هذه المياه وبناء سدود أخرى غير دربنديخان الذي يعد اكبر سدودنا وسد الموصل لأن ما وصلنا اليوم وما سيصل الينا مستقبلا يحتم علينا زيادة ما موجود لدينا من سدود لأننا مهددون ربما بالسنوات المقبلة بمواسم جفاف اخرى، تؤثر بشكل كبير في اقتصادنا، الذي ظلَّ طيلة كل هذه السنوات مرتبطا بالنفط وصارت موازناتنا تعتمد عليه بنسبة 93 %، فلماذا لا نستغل وفرة المياه وخصوبة الأرض بعودة الزراعة الى عهدها السابق، وربما يقول البعض إن العهد السابق لم يشهد استغلال دول المنبع ببناء سدود ضخمة لتقلل المياه القادمة الى بلدنا، ولكن مثل هذه الامور 
يمكن حلُّها دبلوماسيا، اذا كان التحاور منطقيا يستند الى الحجج 
والمبررات.
هذا من جانب ومن جانب آخرعلى وزاراتنا المعنية عدم هدر المياه وعدم التجاوز عليها مهما كانت منزلة ومكانة الجهة المتجاوزة.