حتى نكونَ على الخارطة

آراء 2022/01/19
...

 د. أثير ناظم الجاسور
 
والنظام بدوره (النظام الدولي) تمَّ من خلال قواعده الدول وحجمها وادوارها من خلال قياس قدراتها ومستويات استثمار، هذه القدرات وفق تصورات صناع قرارها وقراءاتهم للأحداث والقدر الذي من الممكن أن تتفاعل الدولة بتوجه صناعها هؤلاء، فالأمم التي ترسم لنا اليوم خطوط التوجه الذي قسم منها العالم لمجموعة من العوالم وفق تطورها وانفتاحها عملت وفق مقوماتها التي ساعدتها، على أن تكون ضمن عمليَّة حسابيَّة عالمية معقدة منذ عصر الامبراطوريات لغاية تأسيس الدولة وترسيم الحدود وتقسيم العوالم.
ما نودُّ تفصيله هنا أن العراق كدولة يمتلك بالتأكيد مقومات الدولة الجغرافية وكل ما له علاقة بها، خصوصاً وهو اليوم لا يمتلك من المقومات غير هذه الجوانب التي تشير الى وجوده، فبعد العام 2003 حاولت كل الأطراف على أن يكون تابعاً لها بعد ان تمَّ تقسيمه سياسياً واجتماعياًـ وبقي يدور في فلكها لسنوات بعد أن تمَّ تغييب كل ما تمتلكه الدولة من مقومات تساعدها على تجاوز التحديات، التي أحاطت بها منذ ذلك العام ولغاية اليوم، إن الوضع العراقي بالمجمل هو لا يحدده حجم الدولة كمساحة ولا قياس التوازن بين حجم الدولة وعدد السكان، بما يتناسب توزيع عادل للموارد بقدر ما تمَّ قياسه، من أن العراق باتَ ساحة لدول جواره والإقليم التي لعبت دوراً في تحجيم دوره وتصدير ارادته في صناعة قرار وطني يصب في خدمة الصالح العام، بالمقابل كان صانع القرار العراقي يتجه صوب معتقده ونسقه وتخندقاته، التي أسهمت بتقزيم دوره في خلق سياسة داخلية وخارجية عراقية مستقلة مبنية على أسس منطقية عقلانية، فصانع القرار العراقي لم يدرك أنه عمل طيلة هذه الفترة على تحجيم الدور العراقي بعد أن ابتعد عن التوجهات الأساسية لدور الدولة وتحديد سلوك متوازن لها، وكذلك عمل على أن تعمل الدولة على فكرة الاستهداف المتبادل بينه وبين الأطراف الدولية الأخرى سواء الإقليمية او الدولية.
من الضروري أن يكون صانع القرار العراقي يمتلك رؤية واضحة عن حجم وقدرات العراق لما يمتلكه من إمكانيات مادية وبشرية تساعده على تصدر دور ريادي في المنطقة والعالم، فالعراق الريعي الذي يتعرض لمجموعة من التحديات بسبب أحادية موارده المالية باستطاعته توظيف موارده من خلال رسم مسارات جديدة لاستغلال الموارد والجغرافية في سبيل أن يخرج العراق من ضائقته السياسية والاقتصادية، على اعتبار أن يقع في منطقة معقدة ومتشابكة الاحداث، ما تجعله محاطاً بالمخاطر، بالتالي فإن المرحلة الأولى من عملية التحول في السياستين الخارجية والداخلية العراقية، لا بدَّ أن يدرك صانع القرار دور العراق، إضافة إلى قدرته في أداء هذا الدور. 
• فهو لا بدَّ من أن يعمل أولاً على ضمان أمن الدولة واستمرار نموها الاقتصادي وتميزها السياسي.
• استغلال مصادر الطاقة كالنفط في ضمان أمن العراق بعد عقد مجموعة من الاتفاقات التي تعزز مكانة العراق الإقليمية والدولية.
• استثمار موارد الطاقة الأخرى كالغاز ليكون عاملاً مساعداً، أو موردا لميزانيات الدولة في حال انخفاض أسعار النفط، خصوصاً ان الغاز اليوم يعمل ضمن البيئة النظيفة التي لجات اليه القوى الصناعية الكبرى.
• إتباع سياسة خارجية مستقلة بعيدة عن التجاذبات والتخندقات التي أسهمت في تمزيق الدولة سياسياً واجتماعياً، من خلال نسج شبكة من العلاقات مع الأطراف الإقليمية والدولية، تسهم بالقيام بدور أكبر وفق الوزن الحقيقي للعراق.
•  التحول نحو سياسة صناعة السلام والتوافق بين الدول لخلق بيئة إقليمية آمنة للعراق ولمحيطه.
• تجاوز التحدي الجغرافي – الديموغرافي من خلال بناء ستراتيجية وطنية مدعومة بمجموعة من المشاريع السياسية والاقتصادية، التي تسهم في تعزيز العيش الكريم للمواطن.
• المضي نحو الاستثمارات الخارجية التي تجعل من العراق أوسع نفوذاً في البيئة العالمية وفي مختلف القطاعات والمجالات.