لعبةُ جرِ الحبلِ الديمقراطيَّة

آراء 2022/01/19
...

 سعد العبيدي
 
اعتادت أطراف الديمقراطية الفتية؛ أو التجريبية للعراق أن تبدأ خطوات أطرافها الأولى بعد كل دورة انتخابية، بفعل التشديد في المطالب، والمواقف وتكوين الاتفاقات. وعلى وفق توجهاتها هذه نتلمس ذهاب كل كتلة أو حركة حققت فوزاً ملموساً بطرح أفكارها بقدر من التشدد، ورفع سقف مطالبها درجات لمستوى التشدد، في حلبة تبدأ داخلها جولات يقترب وصفها من عملية الشد والجذب في لعبة جر الحبل، حتى اللحظات الأخيرة من التوقيت المسموح دستورياً، 
ومن بعده نرى حدوث انفراج مفاجئ على شكل تفاهمات وتوافقات واتفاقات وتنازلات، وهو انفراج يرجعه العارفون الى تأثير العامل الخارجي، الذي تدفع قوة زخمه سفينة السياسة لتبحر أربع سنين. 
هكذا كان الأمر لأربع جولات انتخابية مضت أبحرت طوالها سفينة السياسة العراقية بصعوبة وواجهت في طريق ابحارها عواصف عاتية، كادت تغرقها أكثر من مرة، لكنها في الجولة الخامسة لعام 2022، وكأن قاعدة الشد والجذب قد تغيرت، وكأن أحد أطرافها يحاول تغيير قوانين هذه اللعبة غير المضمونة، من خلال الحيلولة دون تأثير العامل الخارجي، والملاحظ أنه استطاع النجاح الى وقتنا الراهن.
لكن عديدا من المحللين يتنبؤون عدم قدرة هذا الطرف على مقاومة الضغط الخارجي، وآخرين يعتقدون بعدم قدرته على مقاومة ضغوط التهديد الداخلي الذي ظهرت متلازمة مع العامل الخارجي على شكل استهداف منظم لبعض المقرات الحزبية للطرف السني الحليف، بتفجيرات قنابل يدوية، ومعه استهداف مصارف مملوكة الى جهات سياسية متآلفة بعبوات صوتية، لتؤدي غاية العودة الى الحلبة. 
في حين يرى كثيرون أنها ضغوطٌ لا تفلح في إعادة الطرف الساعي الى تغيير قواعد اللعبة ولن تجبره على الرضوخ الى المعايير التقليدية في عملية الشد والجذب، خاصة بعد تلمسه تأييداً من شرائح عديدة في المجتمع العراقي لتغيير قواعد اللعبة، وتحييد العامل الخارجي في العملية السياسة التي تحتاج حقاً الى تغيير.