حكومةٌ أغلبيَّةٌ ومعارضةٌ إيجابيَّة

آراء 2022/01/19
...

 ا.د. عامر حسن فياض 
في الحياة المجتمعية بأبعادها كافة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) هناك مواقف تتنوع تسمياتها ومسمياتها، تعبر عن الرضا او عدم الرضا ولا تجمع بينهما. مواقف تستوطن خندق الضد او خندق الـ (مع) دون وجود جسر يربط بينهما. 
 
مواقف تميل الى الخير او الى الشر ولا تلعب عليهما او لا تتلاعب بينهما. 
وفي السياسة وأدبياتها وقواميسها فإن الموقف من السلطة التنفيذية الحاكمة (الحكومة) يتوزع ما بين تسميتين لا ثالث لهما، اما موقف معارض او موقف مساند. والموقف المعارض أما ان يكون إيجابيا لا يخرج عن العملية السياسية وسياقاتها الدستورية، او أن يكون سلبيا خارجا عن العملية السياسية وسياقاتها الدستورية. أما الموقف المساند فإنه موقفٌ مشاركٌ في العملية السياسية التنفيذية (الحكومية)، من حيث المشاركة في التشكيل وفي البرنامج الحكومي ليعمل على الدفاع عن نجاحاتها وتبرير اخفاقاتها.
فأي موقف يليق بالأطراف التي لن تشارك في حكومة الاغلبية، وعند اتخاذه ماذا نسميه؟ 
علينا قبل تحديد تسمية الموقف المطلوب تبنيه من قبل الأطراف غير المشاركة في الحكومة القادمة أن ندرك أن المشاهد (السيناريوهات) التي كانت متوقعة او مرسومة لمستقبل العراق السياسي قبل استقالة حكومة السيد (عادل عبدالمهدي) موزعة بين ثلاثة خيارات سيئة، لكنها متفاوتة في حجم و وزن السوء وهي: 
سيناريو الفوضى الاقتتالية الدموية بين المكونات العراقية .
سيناريو الحكم الانقلابي الأقلوي العسكري القمعي التسلطي.
سيناريو الانتخابات المبكرة. 
وقد تم تحقق السيناريو الاخير بنتائجه المعروفة، التي ما زالت تداعياتها لا تخرج كثيرا عن دائرة التشاؤم حول المستقبل السياسي للعراق!
بيد أن الواقعية في السياسة تشير الى أن الخيار الأقل سوءا كان خيار الانتخابات المبكرة والقبول بنتائجها ومن دون هذا القبول فإن العراق كان ذاهبا الى واحد من الخيارين الأكثر سوءا (فوضى اقتتالية دموية او حكم انقلابي عسكري قمعي تسلطي).
هنا وأمام كل ذلك فإن غير المشارك في حكومة الاغلبية عليه ألا يتبنى خيار المعارضة من دون توصيف خشية من احتساب وتفسير موقفه هذا (المعارضة بلا توصيف) بأنه موقف منزلق نحو الخيارين الاكثر سوءا من (الانتخابات المبكرة) ليساند نجاحاتها إن تحققت ويبرر إخفاقاتها إن حصلت. إذاً ما الموقف الصائب غير المشارك في حكومة الاغلبية مما يحصل ومما سيحصل؟ 
الأفضل اختيار موقف المعارضة الموصوفة (المعارضة الايجابية) التي تعمل تحت مظلة السياقات الدستورية. وإن من يختاره تحت هذا المسمى (المعارضة الايجابية) وبه سيساند النجاحات التي تحققها مؤسسات الدولة طالما انها نجاحات في خدمة المواطن والوطن، وسيعارض ويراقب ويحاسب على الاخفاقات التي تسببها مؤسسات الدولة بحق الوطن والمواطن.
كما إنَّ هذه الاصطفافات بهذا المسمى (المعارضة الايجابية) سينأى بنفسه عن المعارضة السلبية، وكذلك عن المساندة التبريرية فيكون المعارض المنحاز ايجابيا للوطن والمواطن. والمعارض المنحاز ايجابيا للديمقراطية الحقة والاستقلال الوطني معا.