العراق والصراع الأميركي الإيراني

آراء 2022/01/19
...

  محمد شريف أبو ميسم 
 
يعدُّ توصيف وزير الخارجية فؤاد حسين خلال زيارته إلى طهران، بشأن أهمية العلاقات الأميركية الإيرانية بالنسبة للعراق، غاية في الإفصاح والشفافية. إذ شدّد على أن العلاقات الأميركية الإيرانية ليست موضوعاً خارجياً بل هي موضوع داخلي"، مؤكداً "أن التوتر أو الانفراج فيها ينعكس مباشرة على العراق". 
إذ كشفت تصريحات الوزير "من منطلق المصلحة العراقية" عن تحرك عراقي يبحث في ركام التوترات عن نهاية للصراع بين غريمين، نشبت العداوة بينهما منذ العام 1980 حين انتصرت الثورة الإيرانية على الشاه بهلوي "حليف الولايات المتحدة" وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما إثر أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في طهران، مروراً بفتيل الأزمات التي كانت تشعلها حليفة الولايات المتحدة "إسرائيل" بناء على موقف النظام السياسي في إيران الذي يناصب العداء للكيان الإسرائيلي. 
الأمر الذي يضع التحرك العراقي نحو عقد اجتماع أميركي إيراني في بغداد، موضع ترحيب وقبول لدى عموم العراقيين، فهو أمر يحسب للدبلوماسية العراقية، ولصانع القرار العراقي. فقد آن الأوان أن يتم التعامل مع العقد الجيوسياسية التي رافقت شكل العراق الجديد بعد الاحتلال الأميركي بشفافية ووضوح، وكان من الأهمية بمكان أن لا تنكر تداعيات الصراع الأميركي الإيراني وانعكاساتها على المشهد الكلي في العراق منذ نحو ثمانية عشر عاماً، إذ أن أفضل طريق لحل أي مشكلة أو أزمة، هو الاعتراف بها، ثم تعريفها والإقرار بأسبابها وتحديد تاريخها وعوامل ديمومتها، حينها نكون قد وصلنا إلى منتصف الحل، وعلى هذا الأساس يكون قول الوزير: "نحن لا نحمل الرسائل، ولكن نناقش الآراء بصراحة" قولا في محله. 
فمن الصراحة القول إن حلفاء أميركا وإيران اتخذوا من العراق ساحة لتصفية الحسابات على حساب المصالح العراقية، ومن الأهمية الراسخة، نزع فتيل الأزمات التي عادة ما يغطي دخانها بيئة العراق فيلوث هواء السياسة ويخنق رئة الاقتصاد ويجعل البلاد طاردة للسلام ، وهي أحوج ما تكون للاستقرار. 
وبينما تحاول الإدارة الأميركية الجديدة الحد من فتيل التوترات في المنطقة، لتؤسس لتكتل اقتصادي شرق أوسطي ينهي الصراع العربي الصهيوني، ويحد من التمدد الصيني بعد أن أصبحت دول المنطقة جاهزة لتدفق رساميل العولمة، يكون من المفيد تصور شكل المنطقة في ظل نظم ليبرالية تقر بسلطة رأس المال، واندماج جهوي تحت مظلة العولمة الاقتصادية، بما يجعل الفرصة متاحة للدبلوماسية العراقية في لعب دور بارز لصالح هذه البلاد.