اتفاقيات تاريخية بين العراق وإيران

الثانية والثالثة 2019/03/11
...

بغداد / الصباح 
اسفرت اللقاءات التي اجراها القادة العراقيون، مع رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية، حسن روحاني، خلال اليوم الاول من زيارته الى بغداد التي وصلها أمس ووصفت بـ«التاريخية» عن جملة اتفاقيات ثنائية، تتعلق بالنفط والتجارة والصحة والنقل، فضلا عن اتفاقيات اخرى في مجالات انشاء سكك للحديد بين البصرة والشلامجة، ومذكرة لمنح تأشيرات الدخول والتسهيلات لرجال الاعمال والمستثمرين.الزيارة التي قوبلت بترحيب عراقي واسع، شملت ايضا عقد ملتقى اقتصادي وتجاري افتتحه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، والرئيس روحاني، وشهد مشاركة واسعة من رجال اعمال كلا البلدين.

ففيما رحّب رئيس الجمهورية برهم صالح بنظيره رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الشيخ حسن روحاني، مبيناً أن الزيارة تأتي للتأكيد على أهمية العلاقات بين بلدينا وبين شعبينا هذه العلاقات هي علاقات راسخة في التاريخ، أعرب رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي عن تطلعه الى ان تسهم الزيارة بتطوير العلاقات بين البلدين والشعبين الجارين في جميع المجالات وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة.
بدوره، لفت الرئيس الإيراني إلى أن العراق دولة مهمة في المنطقة وتستطيع ان تلعب دوراً أكبر في حل المشاكل، مشيراً إلى أن «وقوفنا مع العراق لا يعني أنه ضد الآخرين».
 
علاقات راسخة
وقال صالح، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني عقب جلسة مباحثات رسمية: «من دواعي سروري ان أرحب بفخامة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الشيخ حسن روحاني في قصر السلام وفي بغداد، هذه الزيارة تأتي للتأكيد على أهمية العلاقات بين بلدينا وبين شعبينا، وهي علاقات راسخة في التاريخ، علاقات اجتماعية ثقافية ومصالح امنية وسياسية واقتصادية مشتركة، وهذه العلاقات تفيد البلدين وتفيد الشعبين بل تفيد المنطقة ككل».
وأضاف صالح: «تحدثنا مع الرئيس الايراني عن أهمية البناء الصحيح لتعزيز هذه العلاقات وذلك من خلال التأكيد على الروابط الاقتصادية وتعزيز التجارة بين البلدين وأيضاً التأسيس لبنى تحتية اقتصادية مترابطة بين بلدينا وشعبينا تمتد الى عموم المنطقة من ربطٍ لسكك الحديد ومناطق صناعية مشتركة والتعاون في مجال الطاقة والتجارة، وايضا رفع العراقيل والعقبات امام الزوار بين الشعبين»، مشدداً على «ضرورة الذهاب الى الفضاء الأرحب في هذه العلاقة، هذا هو المطلوب لشعبينا وهذا هو المطلوب للمنطقة ككل».
وتابع رئيس الجمهورية: «كانت ايضا فرصة مهمة لي للتأكيد على شكر العراق لاصدقائنا في الجمهورية الاسلامية الايرانية وتحديداً دورهم في الحرب ضد الارهاب»، موضحاً أن «الانتصار الذي تحقق في العراق ضد داعش انتصار مهم وكبير لكنه غير مستكمل، استئصال الفكر المنحرف واستئصال التطرف يتطلبان جهداً وتعاوناً اقليمياً أكثر ومستداماً وفي هذا السياق نؤكد على أن امننا المشترك بيننا وبين ايران وبيننا وبين دول المنطقة يتطلب المزيد من التعاون من اجل التصدي لظهور الارهاب مجددا في بلادنا وفي منطقتنا وهذا يتطلب ان تتعاون دول المنطقة في هذه المسألة ونرى ان بغداد هي الملتقى لدول المنطقة كي تتفاهم وتتعاون في ما بينها من اجل المصالح المشتركة اولاً واساساً في مواجهة الفكر المنحرف، وهذا الفكر الارهابي وهذه التنظيمات الارهابية ولكن ايضاً لخلق منظومة من المصالح الاقتصادية المشتركة بين شعوب هذه المنطقة ننتهي بها من هذه النزاعات والتناحرات التي ألمت بالمنطقة».
تحول تاريخي
ولفت صالح إلى أن «العراق يعيش لحظات تحول تاريخية مهمة، بلدنا عانى ما عاناه نتيجة الصراعات الاقليمية والدولية التي جرت على الساحة العراقية»، معرباً عن تفاؤله بان «دول المنطقة تتفهم أهمية الاستقرار في العراق وأهمية دعم عملية الاستقرار في العراق، وان يكون العراق ساحة لتلاقي المصالح بين شعوب ودول المنطقة».
وذكر صالح، ان هناك من يقول ان «الموقع الجغرافي للعراق صعب وفيه الكثير من التحديات والمشاكل ولكن من جانب آخر محظوظ بجواره الاسلامي، المتمثل بايران وتركيا، وكذلك الامتداد العربي وهذا العمق العربي‘ عسى ان يكون العراق عامل لمّ شمل المنطقة بناءً على احترام مصالح شعوب المنطقة والتأكيد على المشترك بيننا من مصالح ومفاهيم وقيم مشتركة»، مؤكداً «آن الأوان لهذه المنطقة ان تنطلق الى ما هو مطلوب من اعمار وازدهار اقتصادي».
 
مصالح مشتركة
بدوره قدّم الرئيس الإيراني شكره لـ»جمهورية العراق شعباً وحكومة على كرم الضيافة للوفد الايراني خلال هذه الزيارة التـي ستسـتغرق ثلاثة ايام»، وقال: «نشعر في العراق باننا في وطننا الثاني والعلاقات التي تربط البلدين والشعبين في الواقع ليست جديدة وهذه العلاقات تعود الى آلاف السنين إذ ان هذه العلاقات هي علاقات دينية وثقافية وتاريخية واقليمية وليست العلاقات التي نستغني عنها بل علينا ان نبذل كل جهدنا في الواقع لتعزيزها وتطويرها».
وأضاف روحاني «كانت المحادثات التي جرت بيني وبين فخامة الرئيس في الواقع محادثات طيبة وجيدة. وفي كل المحادثات التي جرت بيننا لم اجد نقطة خلاف في ما بيننا. فالعلاقات التي تربط ايران والعراق هي لصالح شعبي البلدين، ولا شك اننا نبذل قصارى جهدنا لتعزيز هذه العلاقات وتأمين هذه المصالح ولا نتركها».
ولفت روحاني إلى أنه «في كـل الحـقول نحن نعتقد بان هناك مجالات واسعـة للتعـاون المشترك بين البلدين وهذه المجـالات هي مجالات التعاون التجاري وكذلك فـي مجال الاسـتثـمارات واقامة المدن الصناعية المشتركة والاسواق الحدودية والعلاقات السياحية الثنائية بين البلدين وكذلك حركة الزوار التي نراها ونشاهدها قائمة في ما بيننا وكذلك التعاون في مجال الطاقة والغاز والكهرباء والبترول والمصارف والخدمات الفنية والهندسية والتقنية وفي مجالات الطرق والسكك الحديد والممرات المائية  مثل نهر الوند وكذلك القضايا المتعلقة بالبيئة والقضايا السياسية والاقليمية والدولية».
ونوه الرئيس روحاني، بانه «وخلال السنوات الماضية واجهنا صعوبات كثيرة ومشاكل نتيجة للارهاب الذي كان موجوداً، والشعب العراقي والشعب الايراني عانيا من هذه الظاهرة المشؤومة ونحن كنا بجانب الشعب العراقي وكنا بجانب الجيش العراقي خلال الايام الصعبة التي كانت في هذا البلد ونحن مسرورون بوقوفنا بجانبكم» لافتا الى ان «العراق دولة مهمة في المنطقة وبامكان هذه الدولة ان تلعب دورا اكبر في توفير الامن وفي اقامة علاقات اقرب مع دول هذه المنطقة».
 
أمن واستقرار العراق
وذكر رئيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية: «نحن نريد ان نكون مع العراق، ان نكون بجنب العراق، وان نكون متحدين مع العراق لا ضد الآخرين، وان نوفر الارضية لأن نستقبل الآخرين وان يكـونوا معنا»، مبيناً أن «الذي يهمنا هو استقرار العراق وامـنـه والديـمقـراطيـة التي نراها فيه، فنحن نعرف ان العراق الآمن والعراق المستقل في الواقع له دور كبير في توفير الأمـن والاستقرار في هذه المنطقة».
وتوجه روحاني بـ«جزيل الشكر والامتنان الى الشعب العراقي الأبي وخصوصاً الاستضافة الكريمة التي يقدمها للزوار الايرانيين، لاسيما ايام اربعينية الامام الحسين عليه السلام. نحن نعلق اهمية كبيرة على هذه الزيارة وبالمناسبة نريد ان نتوجه بالشكر الى فخامة رئيس الجمهورية ونتمنى ان شاء الله ان تتطور هذه العلاقات يوماً بعد يوم في مختلف المجالات وان تتطور العلاقات بيننا وبين الشعب العراقي الأبي والشقيق والصديق». 
 
مباحثات موسعة
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح، قد استقبل نظيره الإيراني حسن روحاني في قصر السلام ببغداد، وجرى استقبال رسمي حيث عزف السلامان الوطنيان للبلدين، فتش بعدها الرئيسان الحرس الرئاسي. 
وعقد الرئيسان، بحسب بيان رئاسي تلقته “الصباح”، “جلسة مباحثات موسعة تناولت العلاقات الثنائية وآفاق تطورها بما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين، ومناقشة آخر تطورات الأوضاع على الساحتين العربية والدولية ومستجدات الحرب على عصابات داعش الارهابية”.واكد صالح ان “بناء علاقات متميزة مع إيران وتطويرها سيكون لصالح العراق والمنطقة عموما”، مشددا على “أهمية تعزيز التعاون الثنائي على مختلف الصعد التجارية والاقتصادية والبنى التحتية”.
وعد صالح ان “توقيع الاتفاقيات وانشاء مناطق تجارية وصناعية مشتركة سيترك تأثيرات ايجابية في توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين”، مشيراً إلى ان “العراق لا ينسى دعم إيران له أيام مواجهة الاستبداد، ودورها  الكبير في محاربة الارهاب”.
ولفت رئيس الجمهورية إلى “اننا لا نريد أن تكون بلادنا ساحة للصراع بين القوى المتنافسة، ولا منطلقاً للاعتداء على جيراننا”، موضحاً ان “العراق بعد هزيمة تنظيم داعش يقف عند استحقاقين هما إعادة الإعمار والاستقرار السياسي”. 
من جانبه، أكد الرئيس روحاني ان “الهدف من هذه الزیارة هو تطویر مستوی العلاقات الثنائیة بین البلدین”، موضحاً ان “هناك امكانیات كبیرة تتمتع بها طهران وبغداد یمكن استثمارها لتوطید التعاون بینهما”.
روحاني الذي عدّ ان “العلاقات بین الشعبین العراقي والايراني رصید یمكن توظیفه لتعمیق العلاقات في شتی المجالات”، بين ان “ایران حكومةً وشعباً تتطلع إلى تعزيز الامن والاستقرار في العراق وتحقیق التنمیة فیه باعتباره دولة جارة وصديقة لبلدنا”، مؤكدا ان “الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة طالما وقفت وستقف الی جانب العراق في مختلف الظروف”.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني، توجه فور وصوله العاصمة بغداد، الى مدينة الكاظمية لزيارة الامامين الكاظمين (ع). 
وبحسب مصدر مطلع، فان وزير الخارجية محمد الحكيم استقبل روحاني والوفد المرافق له، في مطار بغداد، مشيرا الى أن روحاني توجه الى الكاظمية لاداء الزيارة قبل استقباله الرسمي من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح في قصر السلام.
تطوير العلاقات
وفي سياق الزيارة، اعرب رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي عن ترحيبه برئيس جمهورية ايران الاسلامية، حسن روحاني والوفد المرافق له، وتطلعه الى ان تسهم الزيارة بتطوير العلاقات بين البلدين والشعبين الجارين في جميع المجالات وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة .
وترأس رئيس مجلس الوزراء والرئيس الايراني، بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء الإعلامي تلقته «الصباح»، «جلسة المباحثات المشتركة التي بدأت في بغداد مساء أمس الاثنين بحضور الوزراء والمسؤولين من اعضاء الوفدين، وتناولت استمرار التعاون في مجال مكافحة الارهاب وتعزيز جهود الأمن والاستقرار، وبحث التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والعديد من الملفات المشتركة وفي مقدمتها النفط والزراعة والاعمار والاستثمار والصحة والنقل والمناطق الصناعية والمنافذ الحدودية».      
وحضر جلسة المباحثات المشتركة، وفقاً للبيان، «وزراء الخارجية والداخلية والصناعة والمناجم ومحافظ البنك المركزي الايراني، كما حضر اللقاء وكلاء عدد من الوزارات وسفير الجمهورية الاسلامية الايرانية في بغداد، فضلا عن كبار المسؤولين والمستشارين»، فيما حضره عن الجانب العراقي «وزراء النفط والخارجية والاعمار والاسكان والتجارة والصناعة والمعادن والنقل ومحافظ البنك المركزي العراقي وسفير العراق لدى جمهورية ايران الاسلامية وعدد من وكلاء الوزارات والمستشارين والمسؤولين في الحكومة العراقية».في تلك الاثناء، افاد بيان اخر لمكتب رئيس الوزراء، تلقته «الصباح» بانه «وبحضور رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي ورئيس جمهورية ايران الاسلامية،حسن روحاني، جرى مساء أمس وفي ختام جلسة المباحثات المشتركة التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم».
ولفت البيان، الى ان المذكرات التي جرى الاتفاق بشأنها شملت «مجالات النفط والتجارة والصحة والنقل لإنشاء سكك الحديد بين البصرة والشلامجة، ومذكرة لمنح تأشيرات الدخول والتسهيلات لرجال الاعمال والمستثمرين».
يشار إلى أن  رئيس مجلس الوزراء اجرى لرئيس جمهورية ايران الاسلامية والوفد المرافق له استقبالا فور وصوله الى القصر الحكومي عزف خلاله السلامان الجمهوريان العراقي والايراني وفتشا حرس الشرف والكراديس التي تمثل مختلف صنوف وتشكيلات القوات العراقية المسلحة.  جدير بالذكر أن السفير الايراني في بغداد ايرج مسجدي، وصف العلاقات الايرانية العراقية بانها تشكل “نموذجا للتعاون”، معتبراً “الزيارة منعطفا في العلاقات الثنائية”.
 
قوانين تشريعية 
كما استقبل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، مساء أمس الاثنين، مع وفد نيابي من مختلف القوى السياسية، رئيسَ الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن روحاني والوفد المرافق له.
وجرى خلال اللقاء، وفقا لبيان اصدره مكتب رئيس البرلمان، وتلقته "الصباح"  بحث تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها بين البلدين الجارين على مختلف الأصعدة، لا سيما في مجالي السياسة والاقتصاد. 
كما ناقش اللقاء الجهود المبذولة من أجل حلِّ المشكلات التي تحتاج إلى تدخلٍ تشريعي من مجلس النواب، لدعم عجلة الاقتصاد بين البلدين، وتحديدا في المحافظات العراقية والمحاذية للحدود الإيرانية بما يخدم مصلحة الشعبين المشتركة. وأكد الحلبوسي، بحسب البيان، استعداد مجلس النواب لتشريع عدة قوانين تساعد الحكومة الاتحادية في الانفتاح على كل الدول المجاورة والصديقة للعراق، بما فيما الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
من جهته أكد الوفد الزائر تطلعه لتقوية الأواصر الأخوية بين الجانبين، وتوسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات. جدير بالذكر أن السفير الايراني في بغداد ايرج مسجدي، وصف العلاقات الايرانية العراقية بانها تشكل "نموذجا للتعاون"، معتبراً "الزيارة منعطفا في العلاقات الثنائية".