ما لا يحمد عقباه

آراء 2022/01/21
...

 حسن الكعبي 
 
الوصول الى ما لايحمد عقباه او الاتجاه بالبلد الى ما لايحمد عقباه، هي الجملة الارتكازية في خطاب القوى السياسية العراقية والتي تظهر مع كل توتر او ازمة بين القوى السياسية المتماحكة، بوصفها اي الجملة بمثابة التميمة التي تسهم في تغيير مسار الاحداث، او تغيير النتائج لجهة السياق الحاضن لهذا الخطاب المتضمن لصيغ التهديد الصريحة، فالجملة ليست صيغة من صيغ العنف اللفظي وحسب، بل هي تصور واقعي لما سيحدث من عنف فعلي سيجر البلاد الى ما لا يحمد عقباه، والطرف الذي تتوجه له الرسالة المتضمنة في هذا الخطاب يدرك ذلك جيدا، لذلك فهو يلجأ الى حلول توافقية ارضائية لاحتواء التضمين العنيف لصيغة الخطاب وتوجيهه الى ما يحمد عقباه ولو بشكل مؤقت، لأن الخطاب سيظهر في ما بعد على هامش أزمة أخرى. 
وبغض النظر عن مرامي القوى السياسية التي تستعمل هذا الخطاب، الذي تترشح عنه صيغ التهديد الواضحة او الجهة المقصودة به، وإن كانت الجهة الوحيدة التي ستعاني من أضرار هذا الخطاب العنيف هي المجتمع العراقي الذي اعتاد على ظهور صيغ التهديد مع كل ازمة في بلد متوالي الازمات والمعوقة، لسيرورة الادارة السياسية بانسابية، بغض النظر عن ذلك، فان الخطاب يعبر عن حجم الاستهانة بالمجتمع العراقي وطبيعة الاستحواذ والمصادرة الامبريالية لدى هذه القوى، التي تستمد هيمنتها من حيازتها للسلاح والمليشيات، التي لا تعتقد بالروابط الوطنية او الاجتماعية وحصر معتقداتها بالفضاء المليشياوي، الذي تنتمي اليه، وهو أمرٌ بات معروفا في تشخيص هذه العقليات الفردانية وعصابيتها تجاه مفهوم الوطن والمواطنة، فضلا عن دعم القوى الخارجية الضالعة بإدارة الأزمات المنعشة لاقتصادياتها ولو على حساب دمار المجتمعات الاخرى.
ظهرت صيغ التهديد مع كل مرحلة انتخابية ومع كل محاولة لتشكيل الحكومة، ومع كل قرار يصب في مصلحة المجتمع ورفع الضيم، الذي لحق به من جرّاء هذه الممارسات الاستحواذية، دون استعمال لغة تحاورية ترتكز على القوانين ودساتيره وتقبل بنتائجه، وكان ظهورها الأخير مع نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة، لكن مع انزياح في صيغة التهديد، يلوح بدمار البلاد، وكان الأجدى أن تلجأ هذه القوى في المطالبة بحقوقها الى القانون، ليكون هو الفيصل في حل الاشكاليات العالقة، حتى وإن كانت الحلول القانونية غير مرضية لهذا او ذاك، بغية تفعيل وتسييد ثقافة القانون التي نحن بامس الحاجة اليها، لنبذ العادات المتوحشة والهمجية المتعكزة على استعمال العنف وصيغ التهديد في استعادة الحقوق، وعلى فرض إن الحقوق أستعيدت بمنطق الغاب هذا فكيف يمكن ادارة الشعب واستعادة ثقته، وهو يعرف جيدا كيف استعيدت ما تسمى حقوقا والأجدى حصصا وبأي طرق عنيفة جرى استعمالها لحيازة هذه الحصص، لا بدَّ من الخسارة اذا كان ثمة من خسارة في الامر، وهذا شأن السياسة التي تبنى على الديمقراطية وقوانينها الانتخابية التي تفترض وجود رابحين وخاسرين.